Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
2- مزيدٌ مِن شهادات المَعْمَدَان المُثيرة للمَسِيْح
(يوحنّا 1: 29- 34)
1:29وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوْحَنَّا يَسُوع مُقْبِلاً إِلَيْهِ فَقَالَ هُوَذَا حَمَل الله الَّذي يَرْفَعُ خَطِيئة الْعَالَمِ.30هَذَا هُوَ الَّذي قُلْتُ عَنْهُ يَأْتِي بَعْدِي رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي لأَِنَّهُ كَانَ قَبْلِي.


حين رجع أعضاء الوفد إلى أورشليم، لم يكفُّوا عن الاستهزاء بالمَعْمَدَان. فحتَّى ذلك الوقت كان المَعْمَدَان مؤمناً بأنَّ المَسِيْح سيكون مُصلحاً يُنقِّي شعبه ويُغربل قمحه، كربٍّ غاضبٍ، فأسه بيده، يَقطع كلَّ شجرةٍ فاسدةٍ؛ لذلك كان مجيء المَسِيْح بمثابة إعلان مجيء يوم الغضب. وحين قال: "هوذا المَسِيْح بيننا" ارتبك التَّلاَمِيْذ مستعيدين خطاياهم في أذهانهم. لقد توقَّعوا وقوع صاعقة الدَّيْنُونَة دون سابق إنذارٍ.
تقدَّم المَسِيْح الشَّاب ابن الثَّلاثين ربيعاً مِن المَعْمَدَان، وطلب منه بهدوءٍ أن يُعمِّده. فكان هذا التَّواضع طعنةً في قلب المَعْمَدَان الَّذي تراجع طالباً مِن يَسُوع أن يعمِّده ويغفر خطاياه. ولكنَّ يَسُوع أصرَّ على الاعتماد لِيُكمِّل كلَّ بِرٍّ.
وبذلك أدرك يُوْحَنَّا أنَّ القُدُّوْس قد أتى لا ليُهلك البشر، بل لِيحمل خطيئتهم. فقَبِل المَعْمُودِيَّة كنائب عن البشريَّة. فمجيء الرَّب لم يكُن ليتحقَّق بالغضب، بل بالمصالحة والغفران. لقد أبصر المَعْمَدَان، وهو واقفٌ على حافَّة العهد القديم، أعماقَ الجديد بمحبَّة الله، فقَلَبَ هذا التَّحوُّلُ الجذريُّ مفاهيمَه.
وعندما حَضَرَ يَسُوع في اليوم التَّالي، أشار يُوْحَنَّا إلى يَسُوع قائلاً: "انظروا وأدركوا. افتحوا عيونكم، فها هو". لم تنزل صاعقةٌ، ولا جيوشٌ مِن الملائكة، بل انسكب الكلمة ليختبر الجميع: هذا الشَّاب هو مَن طال انتظارُه، الرَّب نفسُه، رجاء العالم.
لم يشأ يُوْحَنَّا أن تظل الجماهير المُحيطة به متمسِّكةً بَعْدُ بصورة المَسِيْح القديمة المبنيَّة على انتصاراتٍ سياسيَّةٍ واستراتيجيَّةٍ عسكريَّةٍ. كان هذا حَمَل الله، وليس أسد يهوذا المُنتظَر. لم يكُن جبَّاراً وفاتحاً، بل وديعاً ولطيفاً.
أعلن يُوْحَنَّا، مملوءاً مِن الرُّوْح القُدُس، أنَّ "يَسُوع هذا يحمل خَطِيئة العالم. وقد اختار أن يكون حَمَل الله رمزاً لطقوس الذبائح القديمة. وهو مستحقٌّ أن يكون بديل النَّاس جميعاً. محبَّته قويةٌ وفعَّالةٌ. هو القُدُّوْس ويبقى قُدُّوْساً حتَّى في حمله خطايا الجميع."لقد صَارَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيئةً خَطِيئةً لأَِجْلِنَا لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.
إنَّ شهادة المَعْمَدَان هذه هي قمَّةٌ في الإِنْجِيْل، ونواة الكِتَاب المُقَدَّس. لقد أصبح عالماً أنَّ مجد المَسِيْح هو آلامه لأجلنا. فخلاص المَسِيْح عالميٌّ وشاملٌ لجميع الأعراق، الحُمر والصفر والسود والبيض والسمر والشقر، كما يشمل الذَّكي والغبيَّ، الغنيَّ والفقير، الشَّيخ والصَّبي؛ ويسري على الماضي والحاضر والمستقبل. وموته يكفِّر عن كلِّ خَطِيئة. فكفَّارته النِّيابية كاملةٌ.
لقد عانى يَسُوع كحَمَل الله آثار الخطيئة مِن اليوم الأوَّل لمجيئه، ولكنَّه لم يَطرد الفاسدين، أو يحتقر المستكبرين، بل أحبَّهم، وعرف مدى عبوديَّتهم، فكان مستعدّاً للموت عنهم.
أعلن المَعْمَدَان لمستمعيه أنَّ حَمَل الله رفع غضب الله عنهم. كان هو الضَّحيّة، الحمَل الَّذي يَموت عوضاً عنهم. ولعلَّ هؤلاء الحاضرين تساءلوا كيف يستطيع إنسانٌ أن يحمل قصاص الجميع. فتح كلام يُوْحَنَّا عيونهم، إلاَّ أنَّ الصَّلِيْب لم يتَّضح لهم. كان ثمَّة حدثٌ غريبٌ سيُتمِّم خطة الله في المَسِيْح.
كرَّر المَعْمَدَان مرَّةً أُخرى أنَّ يَسُوع هو الَّذي سيكمل هذا الخلاص، لأنَّه هو الرَّب الأزليُّ، "هو أعظم منِّي، وكان قَبلي".
كان مجد المَسِيْح عظيماً، ولكنَّ محبَّته على الصَّلِيْب أظهرَت لبَّ هذا المجد. يعترف البشير قائلاً: "لقد رأينا مجدَه. فهو عُلِّق على الصَّلِيْب مُقاسياً أشدَّ الضِّيقات،فأظهر بذلك مقدار المَحَبَّة التي تُحرِّرُنا".

الصَّلَاة
يا حَمَل الله القُدُّوْس، رافع خَطِيئة العالَم، ارحَمنا. يا ابن الله الأزلي المتجسِّد، اغفر خطايانا. أيُّها النَّاصِرِيّ المتواضع الَّذي لم يخجل مِن خطايانا، إنَّنا نعبدك، لأنَّك أحببتنا وأكمَلْتَنا بك على الصَّلِيْب. نحبك ونشكرك لأنَّك لم تأتِ ديَّاناً، بل حَمَلاً. نؤمن بك لأنك رفعت خطايا جميع النَّاس في بلادنا. أعطِنا الحكمة لنُخبر الآخَرين بأنَّك قد فدَيتَهم.
السُّؤَال
ما هو مَعنى "حَمَل الله"؟