Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
2- المَعْمَدَان يُعِدُّ طريق المَسِيْح
(يوحنّا 1: 6- 13)
1:6كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ اسْمُهُ يُوْحَنَّا.7هَذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ.8لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ.


أرسل الله يُوْحَنَّا المَعْمَدَان إلى العالم المظلم ليدعو النَّاس إلى أشعَّة النُّور الإلهي. ومن المعلوم أنَّ كثيراً مِن الخطايا تُرتكَب في الظَّلام، ولكن مَن يعترف بذنوبه أمام الله، تائباً منكسراً، هذا قد أتى إلى النُّور. فكيف حالتك؟ هل أتيت إلى النُّور، أم ما زلتَ تُخبِّئ نفسك في الظَّلام؟
فسَّر المَعْمَدَان للنَّاس حالة قلوبهم. فَهُم بالنِّسبة إلى ناموس (شريعة) الله أشرارٌ، يحتاجون إلى توبةٍ وتغييرٍ جوهريٍّ كيلا يهلكوا في يوم الرَّبّ. وهزَّت دعوة المَعْمَدَان الجماهير، فتراكض النَّاس إلى المُنادي بالتَّوبة في البرِّية، واعترفوا بخطاياهم جهراً، وطلبوا المَعْمُودِيَّة في نهر الأردن رمزاً إلى تطهيرهم مِن الخطيئة، وإغراق أنانيتهم، وقيامتهم متجدِّدين مِن تيَّارات النَّهر.
لقد اختار الله يُوْحَنَّا المَعْمَدَان، فنوَّره وأرسله ليُحرِّك جميع النَّاس ليعودوا إلى صوابهم ورشدهم، ويستعدُّوا لمجيء المَسِيْح. وعرف شعب العهد القديم الكثير عن الآتي باسم الرَّبّ، كما قال النَّبي إِشَعْيَاء: "اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُوراً عَظِيماً. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ" (إِشَعْيَاء 9: 2). وقال أيضاً باسم الرَّبّ: "قُومِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ" (إِشَعْيَاء 60: 1). وعلَّم المَعْمَدَان أنَّ دخول النُّور إلى الظُّلمة ليس مقتصراً على شعب العهد القديم، بل هو مُتاحٌ لكلِّ إنسانٍ. فشملت رسالة المَعْمَدَان العالم كلَّه، حتَّى تبعه أناسٌ مِن أسيا الصغرى وسائر البقاع المحيطة بالبحر الأبيض المتوسِّط سنيناً بعد موته.
لقد تبعه الألوف على الرَّغم مِن شهادته أنَّه ليس هو النُّور، بل هو مُنادٍ مُرسَلٌ أمامه. فلم يدلّ النَّاس على نفسه، بل أرشدهم إلى المَسِيْح. وهذه هي العلامة الواضحة لجميع رسُل الله المُخلصين: أنَّهم لا يربطون أتباعهم بأنفسهم، بل بالمَسِيْح وحده.
لم يكن هدف خدمة يُوْحَنَّا التَّوبة والمَعْمُودِيَّة، بل الإيمان بالمَسِيْح. لقد عَلِم أنَّ النَّاس تمنَّوا لو أعلن أنَّه هو نفسه المَسِيْح، ولكنَّه لم يسقط في التَّجربة، بل أعدَّ طريق الرَّبّ، عالماً أنَّ المَسِيْح الآتي هو الَّذي سيُعمِّد النَّاس بالرُّوْح القُدُس. وعرف يُوْحَنَّا أنَّ التَّوبة النَّفسيَّة في الإنسان لا تكفي مطلقاً، حتَّى وإن تعمَّد لمغفرة الخطايا، بل جميعنا محتاجون إلى تجديد كياننا الدَّاخلي تجديداً تامّاً. لم يُعطِه اللهُ هذا السُّلطان لتغيير القلوب، كما لم يُعطِه لأيِّ نبيٍّ مِن أنبياء العهد القديم. لقد كان هذا الامتياز وَقفاً على النُّور الأصلي الخالق، الكلمة المُحيي القادر على تجديد الشَّخص بسلطانه عندما يؤمِن باسمه وينفتح لنوره. هكذا قاد يُوْحَنَّا الجماهير إلى الإيمان بالمَسِيْح، عالماً أنَّ الإيمان وحده سينقلهم إلى العصر الجديد.
كان "أَبَلِّسُ" فيلسوفاً ملتهباً نشيطاً، تابعاً تعاليم يُوْحَنَّا المَعْمَدَان. بشَّر بالمَسِيْح بفعاليةٍ، دون أن يختبر حقّاً نورَ العهد الجديد. ولكنَّه عندما سلَّم نفسَه للمَسِيْح، دخل النُّورُ قلبَه، فأصبح نوراً في الرَّبّ ومنارةً في الظُّلمة، ونوَّر كثيرين (أَعْمَال الرُّسُل 18: 24- 28).

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ المَسِيْح، نُعظِّمُك ونشكرك لأنَّك أنت نور العالم، ورجاء البائسين. لقد أنرت ظلمات قلوبنا، وكشفتَ خطايانا وغفرتها. نشكرك لأنَّك جعلتنا أولاد النُّور، وأطلقتَنا إلى الحياة الأَبَدِيّة. نسألك أن تُوصل أشعَّة نورك إلى أصدقائنا وأقربائنا، كي يتوبوا توبةً حَقِيْقِيّةً، وبالإيمان يدخلوا نورك العَظِيْم.
السُّؤَال
ما هي الأهداف الرَّئيسيَّة لخدمة يُوْحَنَّا المَعْمَدَان؟