Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
د: حفظنا في وحدة الآب والابن
(يوحنَّا 10: 22- 30)
10:22وَكَانَ عِيدُ التَّجْدِيدِ فِي أُورُشَلِيمَ وَكَانَ شِتَاءٌ.23وَكَانَ يَسُوع يَتَمَشَّى فِي الْهَيْكَلِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ.24فَاحْتَاطَ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ إِلَى مَتى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا. إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيْح فَقُلْ لَنَا جَهْراً.25أَجَابَهُمْ يَسُوع إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَال الَّتي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي.26وَلَكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي كَمَا قُلْتُ لَكُمْ.


كان عيد التَّجديد مناسبةً للفرح والطَّرب، إحياءً لذكرى إعادة إنشاء الهيكل بعد سبي بابل سنة 515 ق.م. وإعادة ترميمه في سنة 165 ق.م. بواسطة المكابيين الَّذين حرَّروا البلاد مِن أعدائهم. وأقبل العيد في بداية شهر كانون الأوَّل، حين يشتدُّ البرد وتهطل الأمطار، لأنَّ أورشليم واقعةٌ على قمَّة جبالٍ ارتفاعها 750 م. فوق سطح البحر.
وفي هذا العيد، تقدَّم يَسُوع المُضطهَد مرَّةً أُخرى إلى صحن الهيكل، وبشَّر في رواق سليمان المسقوف، حيث التجأ زوَّار الهيكل هرباً مِن المطر. كان هذا الرِّواق شرقي الهيكل، وكان الرُّسُل يتكلَّمون فيه بعدئذٍ (أَعْمَال الرُّسُل 3: 11؛ 5: 12).
وفي هذه المناسبة استعدَّ اليهود لشنِّ هجومٍ ماكرٍ على يَسُوع، وطلبوا منه أن يشهد علناً هل هو المَسِيْح المُرتقَب. فقد سمعوا إعلاناته عن نفسه الَّتي كانت أسمى وأشمل مِمَّا انتظره الشَّعب في المَسِيْح الآتي، وأعثرتهم تلك الصِّفات الَّتي فاقت توقُّعاتهم؛ بينما اعتقد بعضهم أنَّ يَسُوع قد يكون هو المَسِيْح حقّاً، لأنَّ شخصيَّته وسلطانه وأَعْمَاله برهنت على أنَّه روحٌ قويٌّ.
وهكذا حاولوا إحراج يَسُوع كي يُنادي بدعوةٍ إلى حركةٍ وطنيَّةٍ مَسِيْحيَّةٍ، لا سيَّما وأنَّ ذلك العيد كان إحياءً لذكرى النَّهضة المكابيَّة الكُبرى. فتمنَّوا على المَسِيْح أن يُطالب بحقِّه رسميّاً كملكٍ على البلاد، ويدعو شعبَه إلى السِّلاح. كان الجميع مستعدِّين لاتِّباعه إلى الحرب كي يتخلَّصوا مِن نير الاستعمار، عازمين على النِّضال والتَّضحية والقتال.
ولكنَّ قصد المَسِيْح كان مختلفاً كلَّ الاختلاف: الوداعة، والمَحَبَّة، وتغيير الذِّهن. فلم يشأ أن يقول لليهود إنَّه المَسِيْح، بينما أعلن هذه الحقيقة للمرأة السَّامرية الزَّانية، واعترف بمجده الإلهي للرَّجل الَّذي وُلد أعمى. فاليهود كانوا ينتظرون مَسِيْحاً سياسيّاً فدائيّاً، بينما كان يَسُوع فادياً روحيّاً حنوناً. الشَّعب فكَّر بالسُّلطة والحرِّية والشَّرف، بينما أتى المَسِيْح بإنكار الذَّات والغفران والتَّجديد. قد أعلن عظمته لهم، ولكنَّهم لم يفهموه، لأنَّهم انتظروا مَسِيْحاً مختلفاً. فلم يتَّفق فكرهم وفكره، ولم يدخل الإيمان قلوبهم، ولم ينفتحوا على روح المَسِيْح الحَقِِّ، ولم يُدركوا أنَّ أَعْمَاله هي براهينٌ على سلطانه، وأنَّه لم يقُم بتلك الأَعْمَال باسمه هو، بل باسم أبيه الَّذي أيَّده بنصره.
لم يشأ اليهود الاستماع إلى أيِّ شيءٍ عن العلاقة اللطيفة الرقيقة القُدُّوْسة الَّتي تربط الابن بأبيه، كأساسٍ لدولتهم، بل طلبوا العنف والمال والاستكبار، ولا يزالون هكذا حتَّى يومِنا هذا. فلم يفهموا إعلانات يَسُوع، بل أصبحوا أتباع الشَّيْطَان، لا أولاد الله.