Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
12:34فَأَجَابَهُ الْجَمْعُ نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ النَّامُوسِ أَنَّ الْمَسِيْح يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ ابْنُ الإِنْسَانِ. مَنْ هُوَ هَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ.


اختبر يَسُوع الاضطراب والكآبة وسط جماهير مستمعيه. فخيَّمَت ظلمة غضب الله عليه عندما طلب اليونانيون التَّعرف إليه. ففي نجاحه الخارجي، اختبر انكساره الدَّاخلي. ولكنَّ الآب قوَّاه في تلك الساعة المريرة، مُعلناً له انسجامه معه، لأنَّ الابن ثبت مُطيعاً لجذب الرُّوْح القُدُس، وأنكر نفسه مختاراً الموت والعار عوضاً عن الحياة والمجد.
لم تفهم الجماهير مخاطبة الثَّالُوْث الأَقْدَس لذاته في ذاته، لأنَّهم لم يقصدوا إنكار أنفسهم، وإعلان الله أباً للناس، بل أرادوا مَسِيْحاً يبقى معهم، كي تكفل قوَّتُه ضمانَهم، فيجعلهم أفضل أُمَّةٍ وأقوى شعبٍ. وهكذا فكَّر اليهود بطريقةٍ دنيويَّةٍ أنانيَّةٍ عنصريَّةٍ. أمَّا المَسِيْح فتواضع، وأخلى نفسه، وأكرم أباه فقط، داعياً نفسه "ابن الإنسان"، وكأنَّه بشرٌ كباقي البشر.
ألحَّ اليهودُ على يَسُوع كي يعترف بأنَّه يقصد مَسِيْحيَّته بذكره أنَّه ابن الإنسان. فطلبوا منه برهاناً منطقيّاً صريحاً، كيلا يكونوا مسؤولين عن إيمانهم به، وحتَّى لا يحتاجوا إلى الاستقصاء عن حقيقته بأنفسهم. كانوا كلُّهم يعرفون التفاسير اللاَّهُوْتية للأَصْحَاْح السَّابِع مِن سفر دانيال، حيث يُسمَّى المَسِيْح ابن الإنسان وديَّان العالَمين. ولكنَّهم أرادوا أن يسمعوا مِن يَسُوع مباشرةً أنَّه هو الابن الإلهي، كيلا يُجهِدوا أنفسهم ويتجاسروا على الإيمان به، بل ليُصدِّقوه بسطحيَّةٍ إن أثبتَ لهم أنَّه هو. ومنهم مَن كان عدوّاً سيِّء النِّية، يُريد أن يُوقع بالمَسِيْح بتهمة التَّجديف إنْ صرَّح بأنَّه ابن الإنسان.
ولكنَّ المَسِيْح لا يُعلن ذاته للباحثين بالطُّرُق المنطقيَّة، بل يُعلن ذاته للمؤمنين البسطاء الَّذين يستجيبون لجاذبيَّة الرُّوْح القُدُس، ويعترفون بواسطة الإيمان بأنَّ ابن الإنسان هو ابنُ الله، قبل أن يُدركوا هذه الحقيقة بالدَّليل المنطقي.