Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
12:44فَنَادَى يَسُوع وَقَالَ. الَّذي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذي أَرْسَلَنِي.45وَالَّذي يَرَانِي يَرَى الَّذي أَرْسَلَنِي.


دعا يَسُوع شعبَه للمرَّة الأخيرة إلى التَّوبة، ولخَّص تعاليمه في عبارةٍ صعبةٍ، ولكن يَسهُل فهمها على الإنسان الرُّوحِيّ. وتبدو هذه الدَّعوة لأوَّل وهلةٍ متناقضةً، وكأنَّه يقول: "مَن يؤمن بي، لا يؤمن بي". ولكنَّ المَسِيْح لا يربط إنساناً بذاته. ومَن يتقدَّم إلى يَسُوع لا يَجد إلهَين أو ثلاثة آلهة، بل إنَّ الابن يُرشد جميع أتباعه مباشرةً إلى الآب. فهو يُخلي نفسه مِن حقوقه، ولا يطلب مِن النَّاس الإيمان به منفرداً، بل يدفع امتيازاته كلَّها إلى أبيه. فالابن لا يسرق مِن الله إيمان النَّاس، بل يُرشدهم جميعاً إليه مباشرةً، ولا يُنقص مِن عظمة وجلال الله، بل يُعلنهما ويُمجِّدهما على الدَّوام.
ولأجل تواضع يَسُوع، يَصحُّ العكس أيضاً: فلا يأتي أحدٌ إلى الآب، إلاَّ بالابن. ولا إيمان حَقِيْقِيّ بالله، إلاَّ بالابن. فقد أعطاه الآب جميع المؤمنين ليكونوا شعبه الخاصّ، وألبسه جميع صفاته الإلهية، حتَّى يستطيع الابن المتواضع أن يؤكِّد قائلاً بدون أيِّ تعجرفٍ: "مَن رآني فقد رأى الَّذي أرسلني". فالمَسِيْح هو رسول الله الحَقِيْقِيّ الكامل الَّذي يحمل في ذاته قوَّة الله ومجده لأجل طاعته المطلَقَة. فيَسُوع يُمثِّل جوهر الله وحياته وكلامه ونوره وبهاءه. ومَن يرَه يرَ الله. إنَّنا لا نعرف إلهاً آخَر غير المثال الَّذي عكَسَه يَسُوع لنا في حياته وقيامته. فقد رفعه تواضعه إلى مستوى أبيه. والَّذي رآه إِشَعْيَاء النبي هو يَسُوع نفسه، لأنَّ لا فرق بين الآب والابن.