Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
13:23وَكَانَ مُتَّكِئاً فِي حِضْنِ يَسُوع وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ كَانَ يَسُوع يُحِبُّهُ.24فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ سِمْعَانُ بُطْرُس أَنْ يَسْأَلَ مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ الَّذي قَالَ عَنْهُ.25فَاتَّكَأَ ذَاكَ عَلَى صَدْرِ يَسُوع وَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدُ مَنْ هُوَ.26أَجَابَ يَسُوع هُوَ ذَاكَ الَّذي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ. فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ.27فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَان. فَقَالَ لَهُ يَسُوع مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ.28وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْهَمْ أَحَدٌ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ لِمَاذَا كَلَّمَهُ بِهِ.29لأَِنَّ قَوْماً إِذْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَعَ يَهُوذَا ظَنُّوا أَنَّ يَسُوع قَالَ لَهُ اشْتَرِ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْعِيدِ. أَوْ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئاً لِلْفُقَرَاءِ30فَذَاكَ لَمَّا أَخَذَ اللُّقْمَةَ خَرَجَ لِلْوَقْتِ. وَكَانَ لَيْلاً.


في وسط هذا الاضطراب الَّذي أحدثته الخيانة الوشيكة الحدوث، نقرأ أجمل شهادةٍ لألطف محبَّةٍ. فقد كان أحد التَّلاَمِيْذ متِّكئاً في حضن يَسُوع في صدر المكان، وهو يُوْحَنَّا البشير الصَّغر سنّاً في حلقة المَحَبَّة الَّذي كان يتمتَّع بقسطٍ وافرٍ مِن حماية يَسُوع ومحبَّته لصغر سنِّه. لا يذكر هذا البشير اسمه الشَّخصي في كلِّ إِنْجِيْله، بل يُشير على نحوٍ بارزٍ إلى قربه مِن يَسُوع، ومحبَّة يَسُوع الحميمة له. فلم يشأ أن يتمتَّع بامتيازٍ آخَر في حياته أعظم مِن كونه التِّلميذ يُحبُّه الرَّبّ. وفي هذا المرام تناسى اسمه الشَّخصي، ومجَّد ابن العليِّ.
كان بُطْرُس أشدَّ خجلاً مِن أن يسأل يَسُوع مباشرةً عن اسم الخائن. وفي الوقت نفسه لم يستطع أن يضبط أعصابه. فأومأ إلى يُوْحَنَّا القريب مِن يَسُوع ليسأل المُعلِّم عن الخائن مَن يكون. فأطاع الفتى إيماءة زعيم الرُّسُل، ومال إلى صدر يَسُوع، كما يميل الطفل إلى صدر أمِّه، وسأل ربَّه بكلِّ ثقةٍ: "مَن هو ذاك؟"
وأجاب يَسُوع بهدوءٍ سؤالَه البريء مباشرةً، مِن دون أن يُسمِّي الخائن، بل بإيماءةٍ هادئةٍ. لم يشأ يَسُوع أن يكشف اسم الخائن علناً في تلك المرحلة، علَّه يتوب في اللحظة الأخيرة، ويتراجع عن خُبثه. وفي الوقت نفسه أراد يَسُوع أن يوضح ليُوْحَنَّا ويهوذا معاً أنَّ البصيرة الإلهية ترى كلَّ خيانةٍ ومكرٍ وخداعٍ.
فكسر يَسُوع خبز النّعمة الَّذي وحَّده بتلاميذه، وغمس اللُّقمة في الصّحفة وقدَّمها باحترامٍ ليهوذا. وكان إعطاؤه هذه اللُّقمة له العلامة الأخيرة مِن علامات محبَّته وصداقته ورحمته، والدَّعوة الأخيرة له إلى التَّوبة. ولكنَّ هذه اللُّقمة مِن يد يَسُوع لم تفعل فِعلها في يهوذا الَّذي عزم على خيانة ربِّه، بل قسَّته أكثر. فأغلق قلبه على النِّعمة، وحلَّ الشَّيْطَان فيه. يا لها مِن صورةٍ رهيبةٍ! إنَّ يَسُوع قد أكمل بنعمته تقسِّي المتقسِّي. فبينما كان يَسُوع يُقدِّم الخبز له، كان الشَّيْطَان يُراوده مِن الخارج ويتلاعب بأفكاره. وبعدَما تناول الخبز حلَّ الشِّرير فيه وتمكَّن منه. فحُكم يَسُوع على الخائن قد جرَّد هذا الخائن مِن الحماية الإلهية، وأسلمه إلى الشَّيْطَان.
وفجأةً رأى يهوذا نفسَه مكشوفاً، عندما ابتلع اللقمة الَّتي سرت كالنَّار في أحشائه. وعندئذٍ صعقه أمر يَسُوع الملكي: "لا تتوانَ في تنفيذ خطَّتك الشِّريرة، بل نفِّذها حالاً كي يبلغ الشَّر ذروته، ويحلَّ الخير محلَّه".
لم يفهم التَّلاَمِيْذ ماذا قصد يَسُوع بقوله ليهوذا "مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ"، لأنَّه كان يطلب منه عادةً شراء لوازم الطَّعام للتلاميذ. ولم ينسَ يُوْحَنَّا البشير طوال حياته مشهد يهوذا وهو يُغادر نور حضور يَسُوع إلى الظُّلمة الخارجيَّة. كان نور مجد يَسُوع لا يزال ظاهراً عليه إلى أن ابتعد، وغاب عن الأنظار، وابتلعه الظَّلام.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع، نشكرك لأنَّك أحببتَ يُوْحَنَّا ويهوذا بالمقدار نفسه. أنت تُحبُّني أيضاً. فاغفِر لي كلَّ عصيانٍ. وانزع مِن قلبي كلَّ أدران الخطيئة ورواسبها مِن كذبٍ وسرقةٍ ونجاسةٍ وأفكارٍ خبيثةٍ. امنحني قلباً جديداً، فلا أُنكرك، بل أثبت بقربك إلى الأبَد، لأنَّ لا خلاص إلاَّ عندك. قرِّب جميع أصدقائي وأقربائي مِن نورك. واحفظني في صدقٍ وطهارةٍ. آمِيْن.
السُّؤَال
كيف فصل يَسُوع الخائن مِن دائرة المَحَبَّة؟