Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
14:21اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي. وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي.


يفيض ينبوع النّعمة مِن شخص يَسُوع المَسِيْح في الكنيسة كلَّ حينٍ، حتَّى إذا امتلأ جميع المؤمنين في جميع الأزمنة مِن فيضِه، يظلّ بحراً فائضاً متزايداً. كان على يَسُوع أمام أعدائه أن يدافع عن حقيقته كالمَسِيْح وابن الله. أمَّا مع تلاميذه، فقد أعلن في السَّاعات الأخيرة غنى اتِّحاده بالآب. ليت قلوبنا تتَّسع ليحلَّ ملء لاهوت المَسِيْح ويثبت فيها.
وقد أخبرنا يَسُوع أنَّ محبَّة تلاميذه له لم تكن مجرَّد عاطفةٍ نابعةٍ مِن الإرادة الصَّالِحة، بل إنَّ هذه المَحَبَّة مبنيَّة على حفظ الوصايا وتطبيقها عمليّاً. فالإنسان العاديُّ لا يعرف نصائح محبَّة المَسِيْح الحسَّاسة، بل يعيش في أسوار مُحرَّمات موسى. أمَّا المَسِيْح فيفتح لنا كنوز المَحَبَّة السَّماوية، ويُرسلنا لخدمة الضَّالين، وبُنيان الإخوة، ويمنحنا القدرة على تحقيق أفكاره. ووصاياه ليست ثقيلةً، ولا مستحيلةً، لأنَّ فرح الرُّوْح القُدُس هو الدَّافعُ فينا. وروح الحقِّ يَدفعنا إلى الاعتراف بكلِّ نجاسةٍ وكذبةٍ وإثم ارتكبناه سهواً. وهذا الرُّوح يُقوِّينا على حفظ الوصايا، فنحفظها عن طِيب خاطرٍ، بروح المَحَبَّة، معترفين بفضل النِّعمة؛ ولا نحفظها قسراً وكأنَّها فريضةٌ مفروضةٌ علينا، ولا لكي يُحبَّنا يَسُوع، بل لأنَّه أحبَّنا حتَّى الموت، وخلَّصَنا إلى التَّمام، فنُبادله المَحَبَّة ونسير في روح محبَّته.
هل تُحبُّ يَسُوع؟ لا تُجِب بسرعةٍ متفائلاً، قائلاً: "نعم"، ولا بتباطؤٍ متشائماً، قائلاً: "كلاَّ". لأنَّك إن كنتَ مِن المولودين ثانيةً، فالرُّوْح القُدُس الَّذي فيك سيُجيب بصوتٍ رفيعٍ: "نعم، أُحبُّك أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع، لأجل جلالك وتواضعك. لأجل تضحيتك وصبرك. أُحبُّك لأنَّك خلقتَ فيَّ قدرة المَحَبَّة الإلهية." إنَّ هذا التَّكلم الذي مِن الرُّوْح القُدُس فينا ليس أمنيةً ولا خيالاً ولا شعوراً، بل هو مبنيٌّ على العزم على تنفيذ المَحَبَّة بالعمل، ومشحونٌ بالقوى للتضحية الفعَّالة. فالرَّبُّ نفسُه يخلق في أحبَّائه المَحَبَّة، ويُثبِّتهم فيها بالنِّعمة.
والله يُحبُّ النَّاس الَّذين يُحبُّون يَسُوع. أمَّا الَّذي يبغض المخلِّص عمداً، فيمكث غضب الله عليه. لقد وضع الآب في ابنه كلَّ قوَّته وإرادته ورحمته، ليُخلِّص البشر به. فمَن يقبل يَسُوع يَقبل الله، ومَن يرفض الابن يرفض الله. هل تعلم أنَّ الله يُسمِّيك "حبيبي" لأنَّ روح المَسِيْح غيَّرَك وجعلَك إنسان المَحَبَّة؟ فأنت لستَ صالحاً مِن ذاتك. ولكنَّ محبَّة الله تُكوِّنُك تكويناً جديداً جوهره المَحَبَّة. ويعمل المَسِيْح فيك شافعاً بك لدى أبيه السَّماوي، ويحفظك إلى الأبد، ويُظهر ذاته لك بتأكيداتٍ روحيَّةٍ مرَّةً تلو الأخرى. ومهما ازددتَ معرفةً بمُخلِّصك، تظلُّ معرفتك ضئيلةً، لأنَّ المعرفة تعني نموّاً في الطَّاعة والمَحَبَّة والتَّضحية وإنكار الذَّات.