Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
14:8قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ يَا سَيِّدُ أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا.9قَالَ لَهُ يَسُوع أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هَذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ. اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ أَرِنَا الآبَ.


عندما قال يَسُوع لتلاميذه: "قد رأيتم الآب وتعرفونه"، تعجَّب فيلبس وأراد أن يقول: "لا، لم نرَه قطّ"، ولكنَّه استحى أمام جلال ربِّه، ولم يشأ أن يردَّ بخشونةٍ، فقال بطريقةٍ لبقةٍ: "يَا سَيِّدُ أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا". ويظهر مِن قول فيلبس هذا أنَّه قد أدرك سرَّ يَسُوع وقدرته. فهذا السرّ يتوقّف على اتحاد يَسُوع بأبيه. وإذا اقتضى الأمر أن يتركهم يَسُوع كما قال، فيكفيهم أن يُريهم ولو للحظةٍ واحدةٍ الآبَ، كي يُصبحوا مفوَّضين مثله ومحفوظين كلِّياً في قدرة القدير. عندئذٍ يعلمون مكان الله ويرونه، وينالون مِن هذه المعرفة سلطةً فائقةً على جميع النَّاس، وقدرةً على الشفاءات وإخراج الشَّيَاطِيْن. ففيلبس لم يُرد شيئاً آخر غير رؤية الآب.
ولكنَّه اعترف بطلبه هذا أنَّه لم يعرف الآب ولا الابن بعد. ولم يُدرك يَسُوع في ألوهيَّته وحقيقته الرُّوحِيّة. فلم يوبِّخه الرَّبّ كثيراً رغم ذلك، بل رحم طالب رؤية الله، وأعلن له في العشيَّة الأخيرة مِن حياته القول العَظِيْم: "مَن رآني فقد رأى الآب". وبهذه العبارة المُركَّزَة مزَّق يَسُوع أمام تلاميذه الحجاب عن سرِّ جوهره. فلا الرؤى، ولا الأحلام تكشف لنا عن الله. بل شخص يَسُوع المَسِيْح وحده هو الذي يُميط اللِّثام عن هذا السِّر. فالمَسِيْح لم يكُن مجرَّد شخصيَّةٍ هامَّةٍ، بل فيه رأينا الله نفسه. الآب تمجَّد في الابن. ومنذ حلَّ المَسِيْح في العالم، أصبح الله مكشوفاً. وأنتَ اليوم تستطيع أن ترى الله حين ترى يَسُوع وتُدركه. سمع توما أيضاً هذا الكلام، ولكنَّه لم يفهمه آنذاك. ولكنَّه بعد قيامة يَسُوع انكسر أمام ربِّه صارخاً: "ربِّي وإلهي".