Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
2- ثباتُنا في شركة الآب والابن يَظهَر في المَحَبَّة المتبادَلَة
(يوحنا 5: 9- 17)
15:9كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا.


أحبَّ اللهُ الابنَ حتَّى إنَّه شقَّ السَّماوات أثناء معموديَّته في نهر الأردن. فنزل الرُّوْح القُدُس في هيئة حمامةٍ بيضاء، وسُمع صوتٌ يقول: "هذا هو ابني الحبيبُ الَّذي به سُررتُ". وصار هذا الإعلان عن الثَّالُوْث الأَقْدَس عندما تحمَّل يَسُوع برمز المَعْمُودِيَّة خطايا البشر في بدء سيرة خدمته، مستهلاًّ طريقه كحَمَل الله. فعمل الابن بدقَّةٍ مشيئة أبيه، وأخلى نفسه لأجل فدائنا، وعاش في انسجامٍ دائمٍ مع أبيه؛ فكانا معاً على وفاقٍ دائم، لا انزعاج، ولا استياء، ولا خَطِيئة، ولا غضب، ولا حسد، ولا بخل بين الآب والابن، بل فرح وغبطة وشكر. ومحبَّتهما لم تنحصر ببعضهما البعض ، بل شملت فيوحدتهما التَّامة العالم الفاسد، مستعدَّين لفدائه العجيب.
والمَسِيْح يُحبُّنا كما أحبَّه الآب، بالقدر نفسه والقيمة نفسها. إلاَّ أنَّنا لسنا مطيعين كما هو مطيعٌ. وليس أحدٌ منَّا قد وُلد منذ البدء مِن الله قبل جميع الدُّهور. ولكنَّ ما حصل هو أنَّ الابن اختارنا نحن الخطاة الفانين، وطهَّرنا، واحتملنا، وولدنا ثانيةً مِن الرُّوْح القُدُس، وقدَّسنا؛ فلم يعتبرنا لعبةً في يده، يُلقي بها أرضاً مَتى شاء، بل تبنَّانا، وقرَّبنا إليه، بعدَما تألَّم لأجلنا. فهو يُفكِّر فينا ليلاً نهاراً، ويهتمُّ بنا في عنايته الإلهية، ويشفع فينا بأمانةٍ وإخلاصٍ، ويكتب إلينا رسائل الحُبِّ، وهي الإِنْجِيْل ورسائل الرُّسُل، ويحثُّنا على الإيمان والرجاء والمَحَبَّة. فلو جمَعْنا محبَّة جميع آباء وأمَّهات العالم في جميع العصور، ونقَّيناها مِن جميع الشَّوائب والمفاسد البشريَّة، لظهَرَت هذه المَحَبَّة صغيرةً جدّاً أمام المَحَبَّة الَّتي يُحبُّنا إيَّاها المَسِيْح والَّتي لا تسقط أبداً.