Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
الأَصْحَاْح السَّادِس عشر: 1قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ لاَ تَعْثُرُوا.2سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلَّهِ.3وَسَيَفْعَلُونَ هَذَا بِكُمْ لأَِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الآبَ وَلاَ عَرَفُونِي.


أوضح يَسُوع في خطابه الوداعي أمام تلاميذه بأبلغ بيان شركة المَحَبَّة العجيبة في الثَّالُوْث الأَقْدَس، بواسطة اتِّحاده بالآب. وبعد هذا الإعلان أكَّد لهم عدَّة مرَّاتٍ أنَّ الرُّوْح القُدُس سيحلُّ فيهم ويُعزِّيهم بعد ذهابه إلى الآب، بغرسه إيَّاهم في شركة المَحَبَّة الإلهيَّة، كي يحبُّوا بعضهم بعضاً كما أحبَّهم هو. ولم يقصد المَسِيْح بإرساله الرُّوْح القُدُس كنيسته وشركة محبَّتها فقط، بل قصد أيضاً عمليَّة التبشير في العالم بواسطة الشهادة عن وحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس، كي يخرج المختارون مِن العالم ثابتين في محبّة الله. فالعالم في ذاته لا يستطيع إدراك الثَّالُوْث الأَقْدَس، ويزداد كراهيةً لكلِّ مولودٍ إلهيٍّ.
كان يَسُوع قد أخبر تلاميذه بأنَّ العالم سيُبغضهم لثلاثة أسباب:

1- لأنَّهم مولودون مِن الله، وليس مِن العالم.
2- لأنَّ النَّاس لا يُدركون المَسِيْح ابن الله، ولا صورة الآب فيه.
3- لأنَّ هؤلاء المتديِّنين المتعصِّبين لا يعرفون الله الحَقِيْقِيّ، وسجودهم إنَّما هو لإلهٍ مجهولٍ غامضٍ.

فإعلان الآب، وثبات أولاده في حقيقة المَحَبَّة، يُنتج البغضة في الشَّيْطَان وأتباعه، ذلك الشَّيْطَان الخبيث الَّذي ابتدع الكذبة الكبرى المحرِّفة للحقّ. أمَّا الإله المجهول فاسمه غير معروف، وليس المَسِيْح ابنه، ولم يُصلب، ولم يقم مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ. ويعتبر هؤلاء المتعصِّبون مَن لا يؤمن بأضاليلهم الملتوية كافراً جاهلاً مُجدِّفاً. فالهجومات على إيمان المَسِيْحيين هائلةٌ متراصَّةٌ، حتَّى إنَّه لا يستطيع إنسانٌ فانٍ أن يخلص ويثبت في المَسِيْح، إلاَّ إذا ختمه الرُّوْح القُدُس ختماً أَبَدِيّاً.
وبغضة جهنَّم متواصلةٌ. فمن ارتدَّ عن الإيمان بالإله المجهول، واهتدى إلى عبادة أبي ربّنا يَسُوع المَسِيْح، يقتلونه كمرتدٍّ أينما وجدوه، ظانين أنّهم بجرائمهم يخدمون الإله الحَقِيْقِيّ. فهؤلاء لم يعرفوا الآب القُدُّوْس، ولا محبَّة الرُّوْح القُدُس. فثمَّة إذاً روحٌ آخر يقودهم إلى إبادة مَن يُمثِّلون الثَّالُوْث الأَقْدَس باضطهادات وقتل وتجارب عديدة. هكذا كان اليهود يفعلون، وهكذا تفعل أديانٌ ومذاهب أخرى في العالم حتَّى يومنا هذا، وهكذا سيكون الأمر حتَّى انقضاء الزمان ومجيء المَسِيْح.
فلا تظنَّ أنَّ المستقبل سيكون أفضل، لأنَّ البشر يزدادون علماً وتنوُّراً. لا بل سيظلُّ الروحان المتناقضان في صراعٍ دائمٍ حتَّى النهاية. روحٌ مِن أعلى، وروحٌ مِن أسفل. وليس ثمَّة جسرٌ بين السَّماء وجهنَّم، ولا وسيلة اتِّصالٍ بينهما. فإمَّا أن تدخل شركة الآب والابن والرُّوْح القُدُس، أو أن تسقط في عبودية جهنّم وسجن خطاياك. وإن تبعتَ يَسُوع تُصبح إنسان المَحَبَّة، وتُكرم الآب بكل قوَّتك في شهادتك. ولكن إن لم تَصِر ابناً لله، بل خُنتَه وزنيتَ باتِّباعك أرواحاً وأفكاراً أخرى، تُصبح كاذباً، وتتحوَّل إلى عدوٍّ لله كامل العداوة والشَّر.
يُنبئك المَسِيْح بالثَّمن الغالي لبنوَّتك لله إن ثبتَّ معه حقّاً. فسيكون مستقبلك صعباً وأليماً، عندما ستنفجر جهنَّم بثورتها على المَسِيْح والمؤمنين به. فالعالَم يُبغض كلَّ تابعٍ أمينٍ ليَسُوع. فإمَّا أن تكسب الله أباً لك، وتصبح بالتالي غريباً في دُنياك، أو أن تبقى عدوّاً لله، كي يقبلك أهل العالم كواحد مِنهم، فيحتضنوك في شهواتهم وفجورهم. فاختر بين الحياة الأَبَدِيّة، والموت الأَبَدِيّ.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع، نشكرك لأنَّك اخترتَ الموت عنَّا، وثبتَّ أمِيْناً لأبيك. انتزعنا تماماً مِن روح العالم، وثَبِّتْنا في محبَّتك، لكي نثبت أولاداً لله، فلا نفقد البصيرة في التَّجارب، بل نشهد للعالم أجمَع بالنِّعمة، حتَّى وإن تعرَّضنا للاضطهاد. فمحبَّتُك هي قدوتنا وقُوَّتنا. آمِيْن.
السُّؤَال
لماذا يُبغض العالَم المؤمنين بالمَسِيْح؟