Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
16:14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.15كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.


إنَّ الدَّافع وراء عمل الرُّوْح القُدُس هو تمجيد المَسِيْح. وكما أنكر يَسُوع نفسه، وحوَّل الكرامة كلَّها إلى أبيه، ومجَّد أباه وحده، هكذا الرُّوْح القُدُس لا يُكرم ذاته، بل يُمجِّد يَسُوع بكلِّ أَعْمَاله. وهذا يُعلِّمنا نحن المَسِيْحيين أن نصمت عن الحديث عن اختباراتنا وانتصاراتنا وأَعْمَالنا، لنمجِّد اسم يَسُوع المُخلِّص وحده. فليس اهتداؤنا المبني على عزمنا هو المهم بالدَّرجة الأولى، بل غسل خطايانا بدم المَسِيْح الثَّمين. فلتحرُّكات وقوى ومقاصد الرُّوْح القُدُس كلّها هدفٌ واحدٌ، وهو تمجيد يَسُوع المَسِيْح الَّذي اشترانا خاصَّةً لله. والرُّوْح القُدُس يعمل في شهادة رسل المَسِيْح بفعاليةٍ، إن هم لم يأتوا بمعارف متخيَّلة وكلام رنَّان وحكم فارغة، بل قدَّموا المَسِيْح للمستمعين مصلوباً ومُقاماً لتحقيق بِرِّنا.
والرُّوْح القُدُس لا يعمل شيئاً غير تنفيذ ما ابتدأه يَسُوع قولاً وعملاً وصَلباً وقِيامةً. فيُذكِّر التَّلاَمِيْذ بكلام يَسُوع، ويُنشئ حياته الإلهية فيهم، ويدفعهم إلى حفظ وصيَّته، ويُثبِّتهم في مُخلِّصهم. ولم يأتِ الرُّوْح القُدُس إلينا باسمه الخاصِّ، بل مدعوّاً مِن الآب والابن، كما أنَّه في الوقت نفسه صميم جوهر الآب والابن. ومِن جهةٍ أخرى، لم يُحقِّق يَسُوع خلاصه فينا حين كان على الأرض، بل ترك هذا العمل الجبَّار بثقةٍ فائقةٍ للرُّوح القدس الَّذي يبني، وسط ضعف التَّلاَمِيْذ، مَلَكُوْت الله، أي الكنيسة الَّتي هي جسد المَسِيْح الرُّوحِيّ. فنرى مِن بعيدٍ علاقةً متبادلةً دائمةً في الثَّالُوْث الأَقْدَس. فلا يستأثر أقنومٌ واحدٌ بالكرامة لنفسه، بل يُكرم كلٌّ الآخَر ويُعظِّمه على الدَّوام.
هكذا قال يَسُوع بكلِّ تواضعٍ، أثناء خدمته على الأرض: "أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي". ومِن ثمَّ قال في كلمته الوداعية: "دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، مِن ملائكةٍ، ونجومٍ، وبشرٍ" لأنَّ يَسُوع خلق الكلَّ بالاشتراك مع أبيه. فالآب خاصَّته، كما أنَّ كلَّ أبٍ هو خاصَّة أولاده.
لم يكن المَسِيْح ثوريّاً، ولا اشتراكيّاً، بل أخلى نفسه صائراً شبه عبدٍ، ووُلِد في مذودٍ حقيرٍ، وعاش كلاجئٍ فقيرٍ، حتَّى إنَّه قال: "لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ. وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ." فمالك الكُلِّ أصبح صغيراً حقيراً مُعدَماً لأجل خلاصنا.
ولأجل هذا التَّواضع العَظِيْم مجَّده الرُّوْح القُدُس، وحقَّق جميع فضائله وصفاته في كنيسته. وطبقاً لعمل حَمَل الله المذبوح الَّذي يفتح الأختام السَّبعة الَّتي على كتاب تطوُّر تاريخ البشر، يُتمِّم الرُّوْح القُدُس الخلاص والدَّيْنُونَة في الكون. وما هي النَّتيجة النِّهائية لتمجيد الابن؟ إنَّنا سنراه والآب في كلِّ مَجده ومحبَّته وقداسته.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع المَسِيْح، قد فدَيْتَنا على الصَّلِيْب، وأزَلْتَ عنَّا أحمال ذنوبنا. نشكرك لمحبَّتك الفائقة الغنيَّة. املأنا بروحك القُدُّوْس، لتُصبح حياتنا كلُّها تمجيداً لذبيحتك وقيامتك. حرِّرْنا مِن الكسل والرِّياء والاستكبار، كي نعيش في حقيقة فضائلك.
السُّؤَال
ما الَّذي يعمله الرُّوْح القُدُس في تطوُّر العالم؟