Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
18:19فَسَأَلَ رَئِيْسُ الكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تَلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ.20أَجَابَهُ يَسُوع أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ.21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا. اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا.22وَلَمَّا قَالَ هَذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفاً قَائِلاً أَهَكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيْس الكَهَنَة.23أَجَابَهُ يَسُوعُ إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيّاً فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ وَإِنْ حَسَناً فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي.24وَكَانَ حَنَّان قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقاً إِلَى قَيَاْفَا رَئِيْس الكَهَنَة.


لم يكن الاستجواب الأوَّلي دائراً حول ذنْب يَسُوع وشخصيَّته والاعتراف بذاته، بل حول التَّلاَمِيْذ، وطرق تعليمه. وكانت توجد يومئذٍ أحزابٌ وفرقٌ سرِّيةٌ كثيرةٌ، فأراد المستجوبون أن يستنتجوا بسرعةٍ هل ثمَّة خطر اندلاع ثورة أو فتنة مِن قِبَل أتباع يَسُوع، بغية إخمادها في مهدها.
وأجابهم يَسُوع بصراحةٍ أنَّه لم يكن له أيُّ ارتباطٍ سرِّيٍّ، بل كان تعليمه في وضح النَّهار، علانيةً في كنائس اليهود التَّعليمية، وفي الهيكل حيث يتراكض النَّاس كلَّ حينٍ. ولو أراد زعماء الشَّعب معرفته حقّاً، لجاءوا إليه وسمعوا تفاصيل تعليمه ودعوته، فالإِنْجِيْل ليس سرِّياً، بل علنيَّاً عالميّاً. وليست عندنا ذنوبٌ ومؤامراتٌ، بل سلامٌ وفرحٌ ومحبَّةٌ. وهكذا كلَّم يَسُوع رَئِيْس الكَهَنَة الشيخ، بلا خوفٍ ولا خضوعٍ مراءٍ. فلم يستجدِه، بل تقدَّم إليه بجلاله الملوكي وكأنه يقول له: "لماذا لم تتقدَّم إليَّ في الهيكل، وتستقبلني أنا ابن الله بالسُّجود، فتسمع رسالتي، وتؤمن بدعوتي؟"
عندئذٍ شاء أحد خُدَّام حنان مداهنة سيِّده، واستدرار إحسانه، فضرب الرَّبّ يَسُوع على وجهه. يد إنسانٍ صفعَت خالقَها. مخلوقٌ خاطئٌ ضرب الله. يا لجهلنا وعمانا! حتَّى صورة الله المتجسِّدة في يَسُوع لم نرَها! أمَّا المَسِيْح فلم يُمِت ذلك الخادم المرائي، ولم يغضب. ولكنَّه في الوقت نفسه لم يُقلِّل مِن شأن هذه الجريمة، بل حاسب مرتكبها. فلم يُحوِّل خدَّه الآخَر للخادم، بل حمَّله مسؤولية ضربه بدون حقٍّ وقبل ثبوت أيِّ ذنبٍ عليه، مِمَّا يستوجب الاعتذار والتوّبة.
ووجَّه يَسُوع هذا الاتهام أيضاً إلى رَئِيْس الكَهَنَة بصورةٍ غير مباشَرة، لأنَّه كان مسؤولاً عن عمل خادمه، وقد سمح له بهذه الضربة. والاتِّهام نفسه موجَّهٌ اليوم أيضاً لكلِّ مَن يضرب إنساناً بلا حقٍّ، أو يسمح كمسؤولٍ لأتباعه بالاعتداء على الأبرياء، لأنَّ ربَّنا يُحبُّ الأصاغر، ويقول:"الْحَقَّ أَقُولُ لكُمْ بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ".
وعندما لاحظ حنان أنَّ يَسُوع لم يخضع له، بل وقف أمامه ديَّاناً أَبَدِيّاً، واستجوبه في الحق والبِرّ والعدل، أرسل يَسُوع إلى صهره قَيَاْفَا الثَّعلب الماكر ليتخلَّص مِن مشكلته.