Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
ب: التَّخيير بين يَسُوع وباراباس
(يوحنّا 18: 38- 40)
18:38وَلَمَّا قَالَ هَذَا خَرَجَ أَيْضاً إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً.39وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ.40فَصَرَخُوا أَيْضاً جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ لَيْسَ هَذَا بَلْ بَارَابَاسَ. وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصّاً


تيقَّن بيلاطس مِن صدق يَسُوع، واطمأنَّ بأنَّه لا يُشكِّل خطراً على أحدٍ، فخرج إلى اليهود المنتظرين خارجاً، وشهد جهراً ببراءة المتهم. وتُثبت الأناجيل كلُّها هذه الحقيقة أنَّ يَسُوع كان بلا خَطِيئة حسب النَّاموس (الشَّرِيْعَة) الدِّينية، وحسب القوانين المدنيَّة. فلم يستطع أحدٌ أن يُثبت عليه أيَّ تهمةٍ؛ وحتَّى ممثِّل السلطة المدنية نفسه اعترف رسميّاً ببراءة يَسُوع.
وأراد بيلاطس أن يتخلَّص مِن هذا الإنسان الغريب يَسُوع، وتمنَّى في الوقت نفسه أن يُرضي اليهود؛ فاقترح عليهم أن يختاروا بأنفسهم الشَّخص الَّذي يريدون أن يُطلقه لهم، كما جرت العادة في كلّ عيد فصح. فساير بيلاطس رغبة رَئِيْس الكَهَنَة، وسمَّى يَسُوع باستهزاءٍ ملك اليهود، وقال في نفسه: "إن تركتُ يَسُوع، وأنا الوالي الروماني، فسيفقد يَسُوع شعبيَّته الوطنية، لأنَّه لم يُحرِّر أُمَّته مِن الاستعمار، بل حصل على حرِّيته مِن أيدي المُستعمِر، فيُصبح يَسُوع في نظرهم عميلاً للمستعمِر وليس وطنيّاً".
أمَّا رؤساء الكهنة والشَّعب فجنَّ جنونهم عندما سمعوا اللقب "ملك اليهود"، ورفضوا هذا القول جملةً وتفصيلاً، لأنَّهم كانوا يترقَّبون مَسِيْحاً مُصارعاً متسلِّطاً عنيفاً يُخلِّصهم لا مِن خطاياهم، بل مِن الاستعمار الروماني. فاختاروا باراباس المجرم، مُفضِّلين رجل الخطيئة على قُدُّوْس الله الوديع.
لم يكن مجلس اليهود وحده مُبغضاً يَسُوع في ضعفه، بل الشَّعب اليهودي أيضاً احتقره وشمت به. فلو كنتَ أنتَ بين هؤلاء القَوم، مَن كنتَ تختار؟ هل تقف إلى جانب الحقّ الوديع، أم تشبه النَّاموسي الَّذي يبني دينه على العنف والقتال، ويبني حقَّه على الخداع، ويترك الرَّحمة والصِّدق؟ امتحِن نفسك بدقَّةٍ، لأنَّ على الإنسان في حياته أن يختار أحد أمرَين: إمَّا محبة الله، أو المال والشُّهرة.