Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
19:13فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هَذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوع وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْبَلاَطُ وَبِالْعِبْرَانِيّةِ جَبَّاثَا.14وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ هُوَذَا مَلِكُكُمْ.15فَصَرَخُوا خُذْهُ خُذْهُ اصْلِبْهُ. قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ. أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرُ.16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ.


علِم يوحنّا البشير بمكان وساعة إعلان الحكم الجائر الَّذي دان بموجبه البشرُ ابن الله باسم العدالة البشريَّة، حيث أحاطت جدران الثكنة الغليظة بمكان الحكم الظَّالم كثِيْرانٍ غاضبةٍ.
وكان بيلاطس قاسياً في لهجته مع اليهود، فطعن في رجائهم بمَسِيْحهم، ومن ثمَّ سخر مِن تحدِّيهم للسّلطة الرومانية قائلاً لهم باستفزازٍ: "لقد اشتكيتم على يَسُوع لأنَّه ادَّعى بأنَّه ملكٌ. خُذوا ملككم هذا الَّذي لا حَول له ولا قوَّة، فأنتم مثله غير جديرين بأيِّ اهتمامٍ".
وفهم اليهود ما قصده بيلاطس بقوله السَّاخر الَّذي حوَّل شكايتهم على يَسُوع إلى إهانة واحتقار للمشتكين. فصرخوا في صوتٍ واحدٍ قائلين: "خذه إلى الصَّلِيْب، إلى العار. فهو ملعونٌ، اصلبه."
أَخِي العَزِيْز، إنَّ هؤلاء الصَّارخين هم أتقياء بحسب ناموسهم (شريعتهم)، ولكنهم صاروا عمياناً، حتَّى إنَّهم عجزوا عن إدراك المَحَبَّة المتجسدة، والتواضع الإلهي، وقداسة الآب المتحقِّقة في يَسُوع؛ فأبغضوه وأرادوا التَّخلص منه. فلا التَّديُّن ولا التعصب ولا التَّحمس يجذب النَّاس أو يُقربهم إلى الله، بل المَحَبَّة وحدها المعلنة في يَسُوع هي الَّتي تفتح أعيننا على رحمته وتضحيته.
تشفَّى بيلاطس مِن غضبه حين رأى غيظ اليهود مِن استهزائه، لأنَّه أصابهم في الصَّميم، وسمَّى يَسُوع مرَّةً أخرى ملكهم، مستخرجاً منهم الإثبات أنَّ الشَّعب كلَّه كان عازماً على قتل يَسُوع. فحاول الوالي إيجاد عذرٍ يُسكت به تأنيب ضميره، مِن خلال أصوات الشَّعب الَّتي أجمعت على صلب يَسُوع. ويجب أن نعلم أنَّ صوت الشعب ليس هو بالضَّرورة صوت الله، لأنَّ الشَّعب كثيراً ما يُخطئ في أمانيه وأهدافه، فيستغلّ الشَّيْطَان هذه الأخطاء.
سخط الفَرِّيْسِيُّوْنَ على سخرية بيلاطس المتكرِّرة منهم، فردُّوا عليه بمكرٍ وغيظٍ مُعلنين بجملةٍ واحدةٍ: "لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرُ" وهذا الاعتراف لم يسمعه الوالي منهم طوال خدمته، بل طالما تمنَّى أن ينتزعه انتزاعاً مِن أفواههم. ولا شكَّ أنَّ اعتراف أعداء القيصر هذا كان كذبةً صريحةً. فرؤساء الكهنة كانوا خائفين مِن تحرُّكات يَسُوع، وفي الوقت نفسه مُبغضين لملكهم هِيْرُوْدُس العميل للسُّلطة الرومانية، ففضَّلوا القيصر ضامن الحضارة اليونانية والنظام في ربوع البلاد. فخانوا بذلك أصلهم وفصلهم، وتنكَّروا لنبوات العهد القديم، وكلّ ترقُّب للمَسِيْح. ولأجل إدانة يَسُوع لم يُوفِّروا أيَّ كذبةٍ. وأبو الكذَّابين هو الموحي لأولاده. أمَّا المَسِيْح فكان وحده الثَّابت في الحق في جلسة المحاكمة، السَّامع صوت الله في ضميره، والمتمسِّك باستقامته.
وأخيراً، أصدر بيلاطس حكمه الشِّرير النَّابع مِن أنانيته وحقده وخبثه ومكره. ولبث ابن الله صامتاً مطمئنّاً إلى إرشاد أبيه الَّذي سمح للوالي بصلب ابنه. وبهذا الحكم الجائر أتمَّ يَسُوع المصالحة بين الله والإنسان. لقد ظنَّت الأرواح الشِّريرة المشتركة في هذا الحكم أنَّها قد حقَّقَت أمانيها. ولكنَّ مقاصد الله هي الَّتي تحقَّقَت، على الرَّغم مِن مكايد قوى جهنَّم.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع، نسجد لك لأنَّك حَمَل الله الَّذي رفع خَطِيئة العالم. اغفر لنا كلَّ ظُلمٍ وحقدٍ وكذبٍ، وساعدنا ألاَّ ندين أحداً، كيلا نُدان. امنحنا قلباً رحيماً صادقاً مستقيماً، فلا نلوي الحقّ، ولا نُضحِّي بإنسانٍ في سبيل مصلحتنا. ساعدنا على أن نُفضِّل الموت على الكذب، واجعلنا صخرة الحقِّ وسط أمواج الكذب.
السُّؤَال
لماذا حكم بيلاطس على يَسُوع؟