Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
ثالثاً: زيارة المَسِيْح الأولى لأورشليم
(يُوْحَنَّا 2: 13- 4: 54)

1- تطهير الهيكل
(يُوْحَنَّا 2: 13- 22)
2:13وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيباً فَصَعِدَ يَسُوع إِلَى أُورُشَلِيمَ.14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً.15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ. اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ.16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ.17فَتَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي


صعد يَسُوع إلى أورشليم بمناسبة العيد الكبير، عيد الفصح، حيث يجتمع مئات آلاف اليهود مِن جميع أنحاء العالم ليذبحوا الحملان إحياءً لذكرى عبور غضب الله عن شعبهم بسبب حَمَل الفصح. فبدون سفك دم لا تحصل مغفرة، وبدون مصالحة لا جدوى مِن العبادة. ولذلك رفع يَسُوع خَطِيئة العالم في رمز المَعْمُودِيَّة في نهر الأردن. لقد قَبِل مَعْمُودِيَّة الموت نيابةً عنهم رمزاً لاحتماله غضب الله. وكان يعلم عِلْم اليقين أنَّه حَمَل الله المُختار.
وعندما دخل المدينة، واتَّجه إلى الهيكل لم يتأثَّر بفخامة البناء، بل كان يتأمَّل خلاص البشر بواسطة ذبيحته. وفوجئ بعدم وجود أيِّ حسٍّ للُوْقَار الَّذي تقتضيه العبادة في ذلك الهيكل. كان ما وجده غباراً وضجيجاً، وخوار بقر، ومشاحنات تُجَّار، ودماء ذبائح. وسمع أيضاً صيحات الصَّيارفة الَّذين كانوا يبدلون العملات الأجنبيَّة بعملة يهوديَّة حتَّى يتمكَّن الحجَّاج مِن دفع مستحقَّاتهم.
كان هذا الضَّجيج في الهيكل يشير إلى الاعتقاد أنَّ البِرَّ يمكن نَيله بالمال والجهود الشَّخصية. كان الحجَّاج يظنّون أنَّه ينبغي شراء النّعمة والبرّ لقاء طقوسهم وتبرُّعاتهم، غير عالمين أنَّ الخلاص لا يُقتنى بالأَعْمَال الصَّالِحة.
عندئذٍ غضب يَسُوع غضباً مقدَّساً، فدفعته غيرته على العبادة الحقَّة إلى طرد باعة الماشية والدَّواجن وبعثرة أموالهم على الأرض. لا نقرأ أنَّه ضرب أحداً، ولكنَّ صوته تحدَّث عن الضَّربات التي سيُوقِعها الله بكلِّ مَن لا يخضع لجلاله. لا توجد تقوى على الأرض تُرضي الله، إلاَّ الانكسار والتَّسليم الكُلِّي للقُدُّوْس.
تألَّم يَسُوع مِن لامبالاة النَّاس بقداسة الله. فمثل هذا الإهمال والجهل الَّذي نراه في التَّديُّن السَّطحي يُظهِر الظلام الَّذي يكتنف القلوب والعقول، على الرَّغم مِن أنّ الشَّرِيْعَة (الناموس) قد أُعطِيَت قبل 1300 سنة. عندئذٍ أظهر يَسُوع الغضب الإلهي والغيرة المقدَّسة لتطهير مركز العبادة هذا الَّذي كان يعكس حالة الجميع. فأمر بإصلاحٍ لجوهر الدِّيانة، وبتغييرٍ جذريٍّ لموقف الإنسان مِن الله.