Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
20:26وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوع وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ سَلاَمٌ لَكُمْ.27ثُمَّ قَالَ لِتُومَا هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً.28أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ رَبِّي وَإِلَهِي.


بعد مضيِّ أسبوعٍ، ظهر يَسُوع مرَّةً أخرى لتلاميذه، والخوف لا يزال مسيطراً عليهم وهم مختبئون، وقد أقفلوا جميع الأبواب والنوافذ. ولكنَّ جسد المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ اخترق الجدران والحواجز والأبواب بكلِّ هدوءٍ، ووقف في وسطهم، وألقى التحية عليهم، مضمِّناً تحيَّته سلامه وغفرانه لتلاميذه الضُّعفاء الَّذين شعروا بوجوده الحَقِيْقِيّ بينهم، وبمحبَّة الله المتجسّدة في وسطهم.
وشاهد توما بذهولٍ ودهشةٍ معلِّمه وربَّه أمامه، وسمع صوته يرنُّ في أذنيه. ونظر الرَّبُّ إليه مخترقاً شكوكه بعينيه الإلهيَّتين الثَّاقبتَين، ودان هواجسه. فتراجع توما أمامه كالمشدوه. ولكنَّ يَسُوع أمره على نقيض ما أمر المَجْدَلِيَّة، أن يلمسه ليتأكَّد أنَّه شخصٌ حَقِيْقِيّ حاضرٌ بينهم. وأن لا يكتفي بآثار المسامير في يديه وقدميه، بل أن يقترب ويضع إصبعه في جنبه ليتفقَّد آثار الحربة ويؤمن.
طلب يَسُوع من التلميذ المتردِّد أن يتغلّب على شكوكه، معتبراً كلَّ شكٍّ به عدم إيمان. فتوما لم يكن حينئذٍ كافراً، بل كان في خطرٍ مِن أن يصير كافراً، ولذلك حذَّره المَسِيْح من ذلك الخطأ، لأنَّ طلب شهادة حواسِّه قبل التسليم بشيْءٍ من الحقائق مناقضٌ لمبادئ المَسِيْح الَّتي من جملتها أن نَسْلُكَ بِالإِيمَانِ لاَ بِالْعِيَانِ. فالمَسِيْح يطلب منا ثقةً تامَّةً، لأنَّه أعلن لنا صلبه وقيامته وجلوسه عن يمين الآب ومجيئه الثَّانِي مسبقاً. ومَن يُنكر هذه الحقائق الخلاصيَّة يعتبر المَسِيْح كاذباً.
نفذت كلمات يَسُوع الآسرة في قلب توما المشكك، فكسرت سهام الشَّك قبل أن تنطلق مِن أعماق نفسه المضطربة، فنطق بأعظم اعترافٍ قاله إنسانٌ ليَسُوع، اعتراف حمل في طيَّاته خلاصة جميع صلواته وتأمُّلاته: "رَبِّي وَإِلَهِي". فأدرك بآلام روحيّة وشوقٍ إلى الحقيقة أنَّ يَسُوع ليس مجرَّد ابن الله المستقل المنفرد عن أبيه، بل هو الرَّبّ والله معاً، وأنَّ الله حلَّ بملء لاهوته فيه جسديّاً. فالله واحدٌ وليس اثنين. سمَّى توما يَسُوع "الله"، وعرف في الوقت نفسه أنَّ هذا القُدُّوْس لم يدنه بسبب عدم إيمانه، بل أنعم عليه بمنحة نعمة مشاهدته. فسمَّى توما الرَّبَّ: "رَبِّي"، ولفظ معه اسم الله الفريد قائلاً "وإلهي". وسلَّم نفسه وماضيه ومستقبله بالتَّمام ليَسُوع، وعرف أنَّه ملتحمٌ به، وآمن تماماً بتحقُّق كلِّ ما قاله يَسُوع في خطابه الوداعي قبل موته.
وماذا تقول أنت يا أَخِي العَزِيْز؟ هل تشترك في اعتراف توما؟ هل اقترب منك المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، فانكسرتَ مِن جلاله، وغلبتَ شكوكك وعدم إيمانك وعنادك؟ إنَّ يَسُوع حيٌّ، وهو واقفٌ أمامك ويناديك قائلاً: "لاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً." فألقِ بنفسك كلِّياً في أحضان نعمته، واعترف أمامه بشكرٍ قائلاً: "رَبِّي وَإِلَهِي".

الصَّلَاة
نشكرك أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع المَسِيْح لأنَّك لم ترفض توما الشَّاكَّ، بل أعلنتَ نفسَك له بعد انكساره في انتظار ظهورك. علِّمنا الإيمان المتين والحذَر مِن ظهورات الأرواح، كيلا نستسلم للمجرِّب، بل نُدرك في كلِّ حينٍ أنَّك أنتَ الله والرَّبّ الحيُّ. اقبَل حياتنا خاصَّةً لك، ونقِّ ألسنتنا مِن كلِّ كذبٍ.
السُّؤَال
ماذا يعني اعتراف توما؟