Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
3:6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.7لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ.8اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا لَكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هَكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ


أبانَ يَسُوع لنِيْقُودِيْمُوس التَّغييرَ الجذريَّ الَّذي يحتاج إليه كلُّ إنسانٍ. وهذا التَّغيير كبيرٌ كِبَرَ الفرق بين الجسد والرُّوح. فالكلمة "جسد" تعني في العهد الجديد طبيعة النَّاس السَّاقطين المُنفصلين عن الله، البعيدين عن مصدرهم، الأشرار في ذواتهم، المتقدِّمين إلى الدَّيْنُونَة. ولا تشمل هذه الكلمة الجسم فقط، بل أذهان البشر المتمرِّدين وأرواحهم أيضاً، لأنَّ الإنسان، في هذه الحالة، يكون فاسداً كُلِّياً، كما قال المَسِيْح: "مِن القلب تخرج أفكارٌ شريرةٌ". فالجميع لا يستطيعون دخول مَلَكُوْت الله، ولا يستحقُّونه، لأنَّ الإنسان شرَّيرٌ منذ حداثته، وهو يُصبح ينبوع نجاسةٍ في محيطه.
أمَّا الكلمة "روح" فتعني الرُّوْح القُدُس، أي الله نفسه الممتلئ حقّاً وطهارةً وقوَّةً ومحبَّةً وجلالاً وقُدرَةً. في المَسِيْح أصبح هذا الروح الأبويُّ جسداً. والله القُدُّوْس لم يحتقر البشر الأشرارَ، بل غلب جسدهم بالمَسِيْح؛ ففيه تمَّت العبارة: "الْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ" وهذا الروح الطاهر ضبط جسد يَسُوع دائماً، وملأه بملء الله. وهذا ما يُرينا إيَّاه هدف الوِلاَدَة الثَّانِية. إنَّ روح الرب يُميت شهوات الجسد فينا، لكي نعيش كما يَحقُّ لدعوتنا. فهل أصبحتَ يا أخي مولوداً مِن جديدٍ، متحرِّراً مِن طغيان الجسد، أم ما زلتَ عبداً لشهواتك واستكبارك؟
كلَّم يَسُوع نِيْقُودِيْمُوس للمرَّة الثَّالِثة بلطفٍ، وقال له: "ينبغي لك، ولأعضاء المجلس الأعلى، ونسل إبراهيم، والنَّاس جميعاً، أن تُولَدوا مِن جديد. وهذا أمرٌ لا بُدَّ منه، وفريضةٌ مقدَّسةٌ، وإلاًَّ فأنتم جميعاً هالكون". تأمَّل أيُّها الأخ الكلمة "ينبغي" الَّتي نطق بها المَسِيْح، واعلم أنَّك بدون تغيير تام وتجديد جذري لا تستطيع أن تعرف الله، ولا أن تدخل مَلَكُوْته أبداً، بل تبقى فاسداً ضالاًّ حائراً.
هل سمعتَ يوماً صوت هبوب الرِّيح؟ إنَّ المولودين ثانيةً يُشبهون الرِّياح الَّتي تهبُّ فوقَنا. ولكن كما تأتي الرِّيح مِن الفضاء وتعود إليه، ولا تَدخل أعماق الثَّرى، هكذا أولادُ الله يُولَدون مِن فوق، ويرجعون إلى أبيهم، ولا يظلُّون مدفونين في تراب الأرض. وكما يدلُّ صوت الرِّيح على وجودها، هكذا يدلُّ صوت الرُّوْح القُدُس على المتجدِّدين، متكلِّماً منهم. علماً أنَّنا لا نتكلَّم عن روح الإنسان الطَّبيعي النَّابع مِن عقله، بل نعني الرُّوْح القُدُس الحالَّ فينا مِن خارج العالم. وهو صوت وقوَّة الله في المؤمنين. فهل حلَّ هذا الرُّوح المبارَك في قلبك عمليّاً؟