Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
4- يَسُوع في السَّامرة
(يوحنا 4: 1- 42)

أ: يَسُوع يُرشد الزَّانية إلى التَّوبة
(يوحنا 4: 1- 26)
الأَصْحَاْح الرَّابِع: 1فَلَمَّا عَلِمَ الرَّبُّ أَنَّ الْفَرِّيْسِيِّيْنَ سَمِعُوا أَنَّ يَسُوع يُصَيِّرُ وَيُعَمِّدُ تَلاَمِيذَ أَكْثَرَ مِنْ يُوْحَنَّا2مَعَ أَنَّ يَسُوع نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تَلاَمِيذُهُ3تَرَكَ الْيَهُودِيَّةَ وَمَضَى أَيْضاً إِلَى الْجَلِيلِ.4وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ.5فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ الَّتي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ.6وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوع قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ جَلَسَ هَكَذَا عَلَى الْبِئْرِ. وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسةِ.


يدعو البشيرُ يُوْحَنَّا يَسُوع بالرَّبّ الَّذي يملك ملكاً أزليّاً على التَّاريخ، يُعاقب ويرحم، يُرشد ويدين. لقد رأى مجد يَسُوع وسط تواضعه، فأكرمه بهذا اللَّقب العَظِيْم.
ابتدأ الفَرِّيْسِيُّوْنَ يرصُّون الصُّفوف استعداداً للمعركة، لأنَّ تبشير المَسِيْح في المنطقة اليهوديَّة حقَّق نجاحاً باهراً، فدعا النَّاس إلى التوبة والاعتراف بالخطايا، نظير المَعْمَدَان، مُثبتاً بعمله خدمته الإلهيَّة، كأنَّه خليفة المَعْمَدَان. علماً أنَّ يَسُوع لم يكُن يُعمِّد بنفسه، بل كان تلاميذه يتولَّون القيام بهذه المهمَّة، لأنَّهم كانوا جميعهم قد جاءوا مِن حلقة المَعْمَدَان. فعلَّم يَسُوع أنَّ المَعْمُودِيَّة بالماء ليست إلاَّ رمزاً للمَعْمُودِيَّة بالرُّوْح القُدُس. ولكنَّ ساعته لم تكن قد حانت بعد، فلم يُعمِّد يَسُوع شخصيّاً.
وعندما ازدادت معارضة الفَرِّيْسِيِّيْنَ غير المستعدين للتَّوبة، والرَّافضين المَعْمُودِيَّة لأنفسهم، انصرف يَسُوع عنهم نحو الشِّمال، لأنَّه عاش بدقَّةٍ حسب إرشاد أبيه. فلم تكن الفرصة قد نضجت بعد للصِّراع المكشوف مع النَّامُوْسِيِّيْنَ، ففضَّل يَسُوع أن يُسافر وسط سلسلة الجبال، ويدخل السَّامرة مُختاراً أقصر طريقٍ إلى الجليل.
لم يكن السَّامريون جماعةً معترَفاً بها في العهد القديم، لأنَّهم كانوا مزيج شعوب. فقد هاجم الأشوريون السَّامرة سنة 722 ق.م. وسبوا أكثريَّة آل إبراهيم إلى بلاد الرَّافدين، وأسكنوا بدلاً منهم شعوباً أخرى في المنطقة الجبليَّة حول نابلس. فامتزج أهل السَّامرة القلائل بالغرباء المستوطنين بلدهم، وامتزجت بذلك أيضاً معتقداتهم. فصارَت ديناً مختلَطاً.
جاء يَسُوع إلى سوخار القريبة مِن شكيم، المركز التاريخي لآباء الإيمان، والَّتي كانت أيضاً مسرحاً للعهد الَّذي قطعه يشوع مع الله والنَّاس (تكوين 12: 6؛ يشوع 8: 30- 35)، حيث توجد بئرٌ عميقةٌ وقديمةٌ جداً، قيل إنَّها كانت ليعقوب، ولا دليل على ذلك في التَّوْرَاة، إلاَّ ما روي أنَّ يعقوب اشترى أرضاً في شكيم (تكوين 33: 19) وإنَّه أوصى بأرضٍ يملكها ليوسف ابنه (تكوين 48: 22). ونعلم أيضاً أنَّ عظام يوسف دُفنَت في مكانٍ مجهولٍ قرب نابلس (يشوع 24: 32). فأصبحت هذه المنطقة محوراً لتاريخ العهد القديم.
على حافَّة هذه البئر الشَّهيرة جلس يَسُوع، لأنَّه كان مُتعَباً مِن السَّفر الطَّويل والحرارة الشَّديدة في منتصف النَّهار. ونرى مِن هذا الخبَر أنَّ الرَّبّ كان إنساناً حقّاً، مُتعَباً مِن المسير، ومتعطِّشاً للماء. فلم يكن خيالاً، أو ظهوراً إلهيّاً في هيئة إنسانٍ، بل كان إنساناً حقّاً، بكلِّ ما للإنسان مِن ضعفٍ جسدي.