Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
6:66مِنْ هَذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ.67فَقَالَ يَسُوع لِلاِثْنَيْ عَشَرَ أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضاً تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا.


سبَّبَت معجزة إشباع الخمسة الآلاف حماسةً جماهيريَّةً. ولكنَّ يَسُوع كشف الخبث الكامن وراء هذه الحماسة، والَّذي حمل الجماهير على الارتداد عنه، لأنَّه لا يُريد حماسةً ولا تقوى سطحيَّةً، ولا تصديقاً لغايةٍ دُنيويَّةٍ، بل يُريد ولادةً ثانيةً في كلِّ فردٍ، وإيماناً مسلّماً له دون قيدٍ أو شرطٍ. وفي الوقت نفسه، تغلغل بين مؤيِّدي يَسُوع جواسيس مِن المجلس اليهودي الأعلى في أورشليم، فهدَّدوا أتباع يَسُوع بالطَّرد مِن الأُمَّة، إذا استمرّوا في اتِّباع مَن سمَّوه بالمُضِلِّ. وحدث ارتدادٌ عظيمٌ عن المَسِيْح في كَفْرَنَاحُوْمَ، حتَّى إنَّ عامَّة الشَّعب الَّذين كانوا مع يَسُوع صاروا ضدَّه. وحتَّى الَّذين كانوا أوفياء له، خافوا مِن سلطة المجلس الأعلى، ولم يكونوا على درجةٍ كبيرةٍ مِن الثَّبات والتَّضحية، إذ رأوا أنَّ إيمان يَسُوع متطرّفٌ. فلم يبقَ حول يَسُوع سوى حلقةٍ ضئيلةٍ مِن الأُمَناء، إذ إنَّ الرَّبّ قد غربل القمح وفصَلَه عن القشِّ.
وقَبْل هذا، كان المَسِيْح قد اختار اثني عشر رسولاً مِن بين أتباعه، حسب عدد أسباط الأُمَّة. وهذا العدد 12 مؤلَّفٌ مِن 3 × 4 أي ما يُمثِّلُ السَّماءَ والأرضَ. وبمزيدٍ مِن الدِّقة يُمثِّل الثَّالُوْث الأَقْدَس، وأربع جهات المسكونة. فإذا ضربنا ثلاثة بأربعة نحصل على اثني عشر. وهكذا بتلاميذ يَسُوع الاثني عشر تمتزج السَّماء والأرض، والثَّالُوْث الأَقْدَس، بأربع جهات المسكونة.
بعد هذا الانفصال، امتحن يَسُوع مختاريه أيضاً، ليَبني إيمانهم، ويُقوِّي دعوتهم؛ فسألهم: ألعلَّكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا؟ فأحرج بسؤاله هذا تلاميذه، لِيُقرِّروا حقيقة مصيرهم. وهكذا يسألك يَسُوع ويسأل أصدقاءك في الأيَّام الحرجة وساعات الاضطهاد. ألعلَّك تريد أن تتركه، أم أن تلتصق به؟ ما الأهمُّ، التقاليد أو العواطف أو المنطق أو الضمان المادي مِن جهة، أم ارتباطك بيَسُوع؟ هل تختار السَّماء والسَّماويات، أم الأرض والأرضيَّات؟ اعلم أنَّ يَسُوع لا يُكلل قلباً منشقّاً. فمَن يسلّم حياته للمَسِيْح يُسلمه المَسِيْح حياته. فعهد المَسِيْح لا يكون لفاترٍ في الإيمان.