Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
6:68فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُس يَا رَبُّ إِلَى مَنْ نَذْهَبُ. كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيّةِ عِنْدَكَ.69وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيْح ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ.


أظهر بُطْرُس صحَّة نبوَّة يَسُوع بأنَّه الصَّخرة المتينة القويَّة الثَّابتة، لأنَّه أجاب نيابةً عن باقي التَّلاَمِيْذ قائلاً: "يا رب، إلى مَن نذهب؟ أنت وحدك ينبوع الحياة الأَبَدِيّة". ولعلَّه لم يفهم كلام يَسُوع، بل شعر في أعماق قلبه أنَّ الإنسان يَسُوع النَّاصِرِيّ هو الرَّبّ الَّذي مِن السَّماء، الَّذي تخرج مِن أقوال فمه قوَّةٌ محيِيَةٌ لا ينطق بها إنسانٌ. آمن بُطْرُس بحضور الرَّبّ بينهم، واختبر كلامه القدير الخالق فيهم الحياة الأَبَدِيّة. وكان قد اشترك في توزيع الخبز على الخمسة الآلاف، وعندما أشرف على الغرق في أمواج البحر العاتية أمسكت يد يَسُوع بيده. فأصبح بُطْرُس خاصّاً ليَسُوع، وأحبَّ ربَّه أكثر مِن كلِّ شيءٍ في العالَم، ولم يشأ أن يُفارقه أبداً؛ فنطق مِن صميم قلبه بكلماتٍ مستقيمةٍ. اختار بُطْرُس يَسُوع لأنَّ يَسُوع اختاره أوَّلاً.
أكمل الرَّسُول المقدام شهادته الشَّهيرة بهذه الكلمات: "وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا.." فانتبه يا أَخِي العَزِيْز! لم يَشهد بُطْرُس قائلاً: "قد عرفنا وآمَنَّا"، بل بالعكس. إنَّ الإيمان هو الَّذي يفتح عيني القلب, وليس عقلنا هو الَّذي يُفسِّر لنا جوهر يَسُوع، بل إيماننا يُنوِّر عقولنا. هكذا استسلم بُطْرُس والتَّلاَمِيْذ الآخرون لجذب روح الآب الَّذي أرشدَهم إلى الإيمان بيَسُوع، ونوَّرهم لمعرفة الحقيقة، فأدركوا مجده المستتر أكثر فأكثر. فكلُّ معرفةٍ حقَّةٍ مِن يَسُوع هي نعمةٌ مباشرةٌ مِن الله.
ما هو إيمان التَّلاَمِيْذ بيَسُوع؟ وما هو مضمون هذا الإيمان؟ لقد ارتبطوا في قلوبهم بالممسوح الإلهي السَّاكن فيه ملء الرُّوْح القُدُس، والجامع في نفسه جميع وظائف الكهنوت والملكيَّة والنُّبوَّة، لأنَّ جميع الملوك ورؤساء الكهنة والأنبياء كانوا في العهد القديم مسحاء ممسوحين بالرُّوْح القُدُس. وفي المَسِيْح تجتمع جميع قوى وبركات السَّماء، فهو الملك الإلهي القادر على كلِّ شيءٍ، وفي الوقت نفسه رَئِيْس الكَهَنَة الَّذي صالح البشر وخالقهم، وهو القادر أن يُقيم الموتى، وسيدين العالم. لقد أدرك بُطْرُس في الإيمان مجدَ المَسِيْح.
وآمَن التَّلاَمِيْذ معاً، وشهدوا بلسان بُطْرُس تلك الشَّهادة الخطيرة أنَّ يَسُوع المَسِيْح هذا هو قُدُّوْس الله، ابن الآب، وليس إنساناً عاديّاً، بل إلهاً حقّاً. كانت صفات الله العَظِيْم كلُّها قد حلَّت في ابنه، فثبت بدون خَطِيئة، واستطاع أن يُمارس وظيفة حَمَل الله، كما أنبأ المَعْمَدَان عنه. وقد أحبَّه التَّلاَمِيْذ وخشعوا له في الوقت نفسه، لأنَّهم علموا أنَّ حضوره معناه حضور الله. فرأوا في الابن الآب، وأدركوا أنَّ الله محبَّةٌ.