لم يرفض يَسُوع شهادة تلاميذه، بل فرح في قلبه بنموِّ إيمانهم. إلاَّ أنَّه أدرك أنَّهم ما كانوا جميعهم برأيٍ واحدٍ. فواحدٌ مِن الحلقة الدَّاخلية عارضه في مناسباتٍ عديدةٍ، وتطوَّرَت قساوة قلبه حتَّى إنَّ يَسُوع سمَّاه شيطاناً. كان الرُّسُل كلُّهم مُختارين، والآب جذبهم إلى يَسُوع، وملأهم بالبركة؛ ولكنَّهم لم يكونوا عبيد اختيار الله، بل أحراراً في إطاعة صوت الرُّوْح القُدُس أو رفضه. أمَّا يهوذا فأغلق قلبه طوعاً على صوت الله، وأسلم نفسه للشَّيطان الَّذي أقام معه انسجاماً ذهنيَّاً وتواطؤاً. لم يترك يهوذا يَسُوع كسائر المُرتدِّين، بل بقي معه، بعد كارثة الارتداد العامِّ، مرائياً بالإيمان والمعرفة؛ فأصبح ابناً لأبي الكذَّابين، حتَّى نضج للخيانة. فبينما كان بُطْرُس يعترف جهراً بيَسُوع المَسِيْح ابن الله الحي، كان يهوذا يُضمر الشَّرَّ ليَسُوع، مُزمعاً أن يُسلِّمه للمجلس الأعلى لليهود.
لم يختم يُوْحَنَّا هذا الأَصْحَاْح المهم بعباراتٍ لافتةٍ للنَّظر عن سلطان الرُّسُل، بل لفت الأنظار إلى وجود خائن حتَّى في حلقة الأُمَناء. لم يطرد يَسُوع هذا الخائن، ولم يُعلن اسمه أمام الآخَرين، بل احتمله بصَبرٍ فائقٍ، لعلَّه يتوب عن شَرِّ قلبه. ولكنَّ تقسِّي قلبه تحوَّل إلى ثورةٍ ملتهبةٍ، فأراد أن يبيد يَسُوع وبقيَّة التَّلاَمِيْذ.
أَخِي العَزِيْز، امتحن نفسك بكلِّ تواضعٍ. هل أنتَ ابنٌ لله، أم ولدٌ للشَّيطان؟ هل تفتح قلبك لجذب الرُّوْح القُدُس، أم تميل إلى عقد اتفاقٍ مع الشَّيْطَان؟ احترز مِن أن تُخطئ هدف حياتك: المَسِيْح؛ فربُّك يُحبُّك، وقد خلَّصَك. إنْ أنتَ لم تَقبَل خلاصه تماماً، وتلتحم به كُلِّياً، فستَميل إلى طُرُق الشَّر، وتصير عبداً لإبليس. فارجع إلى المَسِيْح ما دام الوقتُ يُدعى اليوم، كي لا تُقَسَّى بغرور الخطيئة؛ ويَسُوع بانتظارك.