Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
8:21قَالَ لَهُمْ يَسُوع أَيْضاً أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيئتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا.22فَقَالَ الْيَهُودُ أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا.


علم يَسُوع أنَّ خدَّام الهيكل محيطون به مِن كلِّ جانبٍ، وفي يدهم أمرٌ بالقبض عليه. فأشار بعباراتٍ مُقتضَبَةٍ إلى معانٍ عميقةٍ في المستقبَل: إنَّ ساعة موتي قد باتت وشيكةً. عندئذٍ أُغادر هذا العالَم، ولن تستطيعوا أن تلاحقوني. لستم أنتم قاتليَّ وفق خططكم، بل أنا الَّذي أُقرِّر أَوانَ رحيلي".
"ولكنَّني سأقوم مِن قبري، مُجتازاً الصّخور والأبواب المُقفلة. وأنتم ستطلبونني عبثاً ولا تجدونني. وسأصعد إلى أبي، فلا تُدركونني. ها أنتم قد رفضتموني، وأنا حَمَل الله، ولم تؤمنوا بي، وأنا فادي العالمين. فستموتون في سجن خطيئتكم."
لم يقل يَسُوع "ستموتون في خطاياكم"، لأنَّ أخطاءَنا الاجتماعيَّة الكثيرة لم تكُن هي خطيئتنا الأصليَّة، بل موقفنا تجاه الله، وعدم إيماننا، وتعجرفنا في مُحيطنا. فكلُّ إنسانٍ طبيعيٍّ ملحدٌ، ولو تصرَّف بتقوى وتديُّن.
وكلُّ مَن لا يَقبل يَسُوع مُخلِّصاً له مِن سجن خطيئته، فإنَّه يموت في خطاياه الكثيرة. فلا سلام لعديمي الإيمان الَّذين يشعرون أنَّهم محفوظون للدَّينونة وجهنَّم، فيضطربون، ولا يجدون راحةً. إنَّ الَّذين يرفضون غفران المَسِيْح يموتون في عيوب خطاياهم الَّتي ستقوم في ساعة موتهم مشتكيةً عليهم، لأنَّ ضمائرنا لا تنسى أيَّ خَطِيئة مهما كانت صغيرةً أو كبيرةً. وملايين البشَر يُفارقون الحياة مضطربين وقلوبهم خائفةٌ.
لقد ذهب يَسُوع إلى أبيه في رحاب المجد. ولا يستطيع خاطئٌ أن يتقدَّم إلى رحاب يَسُوع، إلاَّ بواسطة الغفران والوِلاَدَة الثَّانِية. فاليهود المتديِّنون مارسوا أَعْمَال التَّقوى الكثيرة مِن صوم وزكاة وحجّ، وحفظوا النَّاموس (الشَّرِيْعَة) بكلِّ تدقيقٍ؛ ولكنَّ المَسِيْح قال لهم إنَّهم على الرَّغم مِن ذلك كلِّه لا يستطيعون أن يدخلوا رحاب الله، لأنَّ التزام النَّاموس (الشَّرِيْعَة) وحفظ فرائضها وطقوسها التَّعبدية لا تُغيِّر القلب الشِّرير.
أدرك اليهود آنذاك أنَّ يَسُوع كان يُكلِّمهم عن رحيله النهائي عن عالمنا، ولكنَّهم لم يفهموا شهادته بأنَّه سيرجع إلى الله، بل افتكروا بطريقةٍ دنيويَّةٍ، ظانِّين أنَّ يَسُوع في صراعه مع الكهنة والفَرِّيْسِيِّيْنَ قد بلغ حدود طاقته، ولم يبقَ أمامه إلاَّ الانتحار. فهل تبتلعه جهنَّم والهلاك المُعَدُّ للمنتحرين؟ فمَن يضع حدّاً لحياته ينفصل عن النِّعمة، وتكون دينونته أشدَّ. وافتكر اليهود أنَّ مصيرهم لن يكون كمصيره، لأنَّهم صالحون وبَرَرَة. ولكنْ عندما حاصر الرُّومان مدينة أورشليم سنة 70 م. انتحر الآلاف مِن اليهود مِن الجوع والشَّقاء واليأس والخوف.