Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
8:33أَجَابُوهُ إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ. كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَاراً.34أَجَابَهُمْ يَسُوع الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الخطيئة هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيئة.35وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ. أَمَّا الاِبْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ.36فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً.


ثارت حفيظة اليهود، لأنَّ آباءهم بقَوا مائتي سنة تحت عبوديَّة الفراعنة في مصر، فاعتبروا أنفسهم محرَّرين بقدرة الله، إذ أخرجهم مِن عبودية مصر (خروج 20: 2). لذلك أغاظهم كلام يَسُوع حين قال إنَّهم غير أحرار.
كان على يَسُوع أن يُطيح كبرياء الَّذين ابتدأوا يؤمنون به، فأراهُم أنَّهم ليسوا أحراراً، بل عبيد الخطايا وأسرى الشَّيْطَان. إنَّنا إن لم نعرف سطوة عبوديتنا الثَّقيلة، فلا نتشوَّق إلى مُخلِّصٍ، والَّذي يعرف أنَّه عاجزٌ عن التَّغلُّب على خطاياه، هو وحده الَّذي يطلب إلى الله أن يُخلِّصه. وهنا نجد السبب الَّذي مِن أجله لا يطلب كثيرٌ من النَّاس يَسُوع: لأنَّهم يظنُّون أنَّهم ليسوا بحاجةٍ إلى خلاصه.
ولكنَّ يَسُوع يُعلن بقوَّةٍ قائلاً: "إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الخطيئة هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيئة." كم مِن شابٍّ في مقتَبَل العُمر بدأ حياته بالكذب والخُمول واللامبالاة، فداعبت الخطيئة مشاعره، وسمح لخياله بالانغماس في صورها، وعزم على ممارستها عمليّاً، وخطَّط طرقها بمكرٍ، وجرَّبها، ثمَّ أعاد الكرَّة حتَّى باتت عادةً متأصِّلةً فيه. وعندما شعر بخُبث ونجاسة أَعْمَاله، وسمع توبيخ ضميره، كان الوقت قد فات، لأنَّه أصبح عبد خطيئته؛ وها هو مضطرٌّ إلى تكرار أفعاله المُشينة مرَّةً تلو الأُخرى، متجاهلاً صوت ضميره، حتَّى يلعن السَّاعة الَّتي ابتدأ فيها يُطيع فكره الشِّرير. فيحمل ذنوبه كالكلب مهرولاً وذنبه يتحرَّك خلفه.
لقد أصبح النَّاس أشراراً وعبيداً لذنوبهم، وهم يُخفون حقيقتهم الشَّنيعة خلف أقنعة التَّقوى الزَّائفة والإنسانيَّة المُهذَّبة. فكلُّ إنسانٍ بدون المَسِيْح هو عبدٌ لشهواته. والشَّيْطَان يعبث به مثلما تعبث العاصفة بورقة شجرٍ يابسةٍ.
لا حقّ لعبيد الشَّر بالبقاء في بيت الله، بل عليهم الخروج منه. الجميع بعيدون عن خالقهم، إلاَّ الابن الَّذي ثبت في الآب، لأنَّه فعل ما يُرضيه في كلَّ حينٍ، فلم يتجاوب مع أيِّ خَطِيئة. أجَل، لقد كان اليهود متعاهدين مع الله، ولكنهم إذا بقوا عبيداً لخطاياهم، غير مذعنين لخلاص المَسِيْح، فلا بُدَّ مِن طردهم مِن بيت أبيهم.
بعدئذٍ نطق ابنُ الله بكلمته الملوكيَّة الَّتي لا يستطيع أحدٌ أن ينطق بها إلاَّ مخلِّص العالمين: "الآن أنا حاضرٌ بينكم، وعارفٌ قيودكم، وقادرٌ ومُستعدٌّ أن أُحرِّركم وأمحو ذُنوبكم. لم آتِ لأُصلح العالم إصلاحاً سطحيّاً، ولا لأُربِّيكم بشريعةٍ متشدِّدةٍ، بل لأُحرِّركم كلِّياً مِن سلطان الخطيئة، وقدرة الموت، وحقّ الشَّيْطَان الرَّجيم. إنَّني أخلقكم مِن جديدٍ، وأُنعشكم وأُحييكم، لكي تُنشئ قوَّةُ اللهِ فيكم مناعةً ضدَّ الخطيئة. لا ريب أنَّ الشَّيْطَان سيُجرِّبكم بألف طريقةٍ وطريقةٍ، ولسوف تعثرون. ولكنَّكم لا تعثرون كعبيدٍ، بل كأولادٍ حاملين عربون حقوقكم الجديدة في ضمائركم".
"إنَّ فدائي يَفديكم إلى الأبَد. فقد دفعتُ بدمي ثمنَ المبيع، واشتريتُكُم مِن سوق الخطيئة. وها قد صرتم خاصَّة الله الَّذي لم يجعلكم عبيداً لنفسه، بل منحكم الحرِّية، لتكونوا له أولاداً أحراراً. والآن أنا أُحرِّركم مِن قيود خطاياكم، وأنقلكم إلى شركةٍ مع الله، لخدمة الشُّكْر الطَّوعي له. فأنا المُحرِّر الوحيدُ القادر على تخليصكم مِن سجن الخطيئة وإطلاقكم إلى رحاب الله. أنا ابنُ الله، وأحمل في ذاتي السُّلطان على تحرير كلِّ مَن يسمع كلامي".

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع، نسجد لك ونحمدك لأنَّك أنت المُخلِّص القدير الَّذي حرَّرْتَنا على الصَّلِيْب نهائيّاً مِن طُغيان الشَّيْطَان، فغفَرْتَ جميع آثامنا، وتُطهِّرُنا كيلا نبقَى عبيداً للمرارة والحقد، بل نخدم الله كأبناء متحرِّرين بفرحٍ. نطلب إليك أن تُخلِّص جميع أصدقائنا مِن تصوُّرات قلوبهم الشِّريرة، وتفكّ قيودهم الشَّيْطَانية في أذهانهم، كي يدركوا حاجتهم إلى خلاصك الثَّمين، ويَقبلوك ويتحرَّروا بإِنْجِيْلك القويِّ.
السُّؤَال
كيف يُمكننا أن نتحرَّر حقّاً؟