Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
2- شفاء الرَّجُل المولود أعمى رمزاً لكلِّ أعمى روحيّاً
(يوحنَّا 9: 1- 41)

أ: الشِّفاء يوم السَّبْت
(يوحنَّا 9: 1- 12)
9:1وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَاناً أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ.2فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ يَا مُعَلِّمُ مَنْ أَخْطَأَ هَذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى.3أَجَابَ يَسُوع لاَ هَذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ لَكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَال اللَّهِ فِيهِ.4يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَال الَّذي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ.5مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ.


لم يهرب يَسُوع مهروِلاً مِن أعدائه الَّذين حاوَلوا رجمَه، بل لاحظ وسط هذا الموقف المُروِّع ضيق أخيه الإنسان. فالمَسِيْح هو المَحَبَّة الغافرة المُخلصة المُباركة. وقد رأى التَّلاَمِيْذ الرَّجل الأعمى أيضاً، ولكنَّهم لم يَرْثوا له، بل فكَّروا بالذَّنب الَّذي ارتكبه هذا الإنسان في حياته فكان السَّبَب في عماه، لأنَّ مُعظم النَّاس قديماً كانوا يعتقدون أنَّ وراء كلِّ علَّةٍ خَطِيئة، وأنَّ الأمراض عقابٌ مِن الله. فهل يصحُّ القول إنَّ اللهَ قد ظلم هذا الرَّجل لأنَّه وُلد أعمى؟ لم يوضح يَسُوع سبب المرض، ولم يُبرئ الرجل الأعمى ولا أبوَيه، بل رأى في ضيق هذا المسكين فرصةً لعمل الله. ولم يدَع الرَّبُّ تلاميذَه يدينون هذا الأعمى ويتفلسفون في سبب عماه، بل دفعهم إلى النَّظر إلى الأمام، وأراهُم هدف مشيئة الله: الخلاص، والشِّفاء، والتَّغلُّب على الضّيق وعلى أسبابه أيضاً.
قال يَسُوع: "ينبغي أن أعمل". فمحبَّته دفعته، وهو لم يشأ أن يدين ويهلك ويبيد، بل أراد في محبَّته وحنانه أن يشفي. وبذلك يُظْهِر محبَّته الفادية، ورسالته، وأهدافه. إنَّ يَسُوع هو مُخلِّص العالَم الرَّاغب في دفع النَّاس جميعاً إلى الحياة الإلهيَّة.
ونسمع أيضاً يَسُوع يقول: "أنا لا أعمل باسمي، ولا بقدرتي، بل أُنجز أَعْمَال أبي باسمه، وبالانسجام معه"، مسمِّياً أَعْمَاله أَعْمَال أبيه. فهل تشعر بضرورة تنفيذ أَعْمَال أبيك السَّماوي، أم تقوم بتنفيذ أَعْمَالك الخاصَّة مُمجِّداً ذاتك؟
رأى يَسُوع أنَّ الوقت قصيرٌ، وموته مُقبلٌ عليه؛ وكانت ليلة غضب الله على خطايا النَّاس هاجمةً. ولكنَّ يَسُوع كان يتوقَّف دائماً، رغم ذلك كلِّه، ليشفي هذا ويُخلِّص ذاك. كان دائماً نورَ العالَم، فشاء أن ينوِّر الأعمى بنور حياته، عالماً أنَّ لإمكانيَّاته حدوداً، لأنَّه ستأتي ليلةٌ لا يقدر فيها لا هو ولا أيُّ قدِّيسٍ أن يفعل شيئاً. فما دام النَّهار والفرصة للتَّبشير، فلنشهد لاسمه، ونُعلن أنَّه الشَّمس الَّتي تقهر الظُّلمة، لأنَّ الظُّلمة تزداد. وليس مِن رجاءٍ أفضل لعالمنا الشِّرير المُكتَظّ بالنَّسل الجائع، إلاَّ مجيء المَسِيْح الثَّانِي. فمَن يُمهِّد طريقه؟