Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
9- يَسُوْعُ أمامَ المَحْكَمَة الدِّينيَّة
(مرقس 14: 53- 65)
14:53فَمَضَوْا بِيَسُوْعَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيْعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ.54وَكَانَ بُطْرُس قَدْ تَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَاخِلِ دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَكَانَ جَالِسًا بَيْنَ الْخُدَّامِ يَسْتَدْفِئُ عِنْدَ النَّارِ.55وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةً عَلَى يَسُوْع لِيَقْتُلُوهُ فَلَمْ يَجِدُوا،56لأَِنَّ كَثِيرِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ.57ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا قَائِلِينَ58نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ إِنِّي أَنْقُضُ هَذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ.59وَلاَ بِهَذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ تَتَّفِقُ.60فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ فِي الْوَسْطِ وَسَأَلَ يَسُوْعَ قَائِلاً أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ، مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هَؤُلاَءِ عَلَيْكَ.61أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ أَأَنْتَ الْمَسِيْح ابْنُ الْمُبَارَكِ،62فَقَالَ يَسُوْعُ أَنَا هُوَ، وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ.63فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ،64قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ. مَا رَأْيُكُمْ. فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ.65فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ تَنَبَّأْ. وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ


اجتمع نوّاب اليهود على يَسُوْع ليحاكموه ويقضوا عليه زوراً وبغضاً وحسداً. وكان معظمهم قد عزموا على أن يبيدوا الشَّاب النَّاصِرِيّ لأنَّه أقلق الأمَّة حسب زعمهم. فخافوا مِن تدخُّل السُّلطة الرُّومانية والحرب الجديدة.
ولكنَّهم، إخفاءً لحقدهم، حاولوا التَّصرُّف بمظاهر الحقِّ الشَّرعي، وفتَّشوا عن شهود زور ماكرين، ليبرهنوا معاً أنَّ يَسُوْع مُذنبٌ حسب الشَّريعة، ومجدِّفٌ ومُضِلٌّ. ولكنَّ الشُّهود الأشرار المُسْتأجَرين لم يقدروا أن يأتوا بأدلَّة متطابقة متوافقة، فسقطت الدَّعوى لعدم اتِّفاق أقوال الشُّهود من جهة التَّفاصيل.
كذلك كانت شهادة الشُّهود الأخيرة باطلة من أساسها، بخصوص كلمة المَسِيْح عن الهيكل، لأنَّه لم يقل قطّ أنا أنقض الهيكل (يُوْحَنَّا 12: 19)، بل قال اهدموا أنتم الهيكل، وأنا أُقيمه في اليوم الثالث. علماً أنَّه قصد هيكل جسده وقيامته.
فتخاصم اليهود حول كلماته وتفاسيرها، ولم يُدركوا جوهر الموضوع: أنَّ يَسُوْع المَسِيْح الواقف في وسطهم هو هيكل الله الحيّ الّذي فيه قد حلَّ ملء اللاهوت جسديّاً.
وصمت يَسُوْع أمام أكاذيب البشر صمتاً تامّاً، متَّكلاً على أبيه، أنَّه لا يُسلَّمه إلى الصَّلِيْب بسبب الأكاذيب التَّافهة، بل تعبيراً عن محبَّته للخطاة.
واضطرب أعضاء المجلس مِن صمت المَسِيْح، لأنَّ سكوته دان مكرهم، فنطق صمتُه بأوضح بيان. لم يخَف يَسُوْع، ولم يُبالِ بأعدائه المُحِيْطين به، بل سلَّم نفسه كلِّياً لهدى أبيه الأمين.
وأخيراً، بعد فشل الاستجواب، قام رئيس الكهنة قيافا واستحلف يَسُوْع رسميّاً أمام مجلس الأمَّة أن يعترف أمام الله هل هو المَسِيْح ابن الله الحيّ؟ فربط في سؤاله اللَّقبَين معاً ليُلفِّق تهمةً بحقِّ يَسُوْع تضمن موته، لأنَّ اليهود كانوا ينتظرون مَسِيْحاً يتباهون بقوَّته الإلهيَّة ينصرهم في السياسة والحرب، لا مَسِيْحاً مقيَّداً محتقَراً كحملٍ ضعيفٍ في وسط المَحْكَمَة.
واعتبر الكهنة والنُّوَّاب ادِّعاء أيٍّ كان أنَّه ابن الله تجديفاً مُريعاً، لأنَّ الله واحدٌ، لا شريك له، ساكنٌ في المجد والنُّور السَّمَاوِيّ.
وانتصب أمام مجلس أمَّته، وأجابهم بجملة واحدة حاسمة – وهُم المتضلِّعون من التَّوراة – موضحاً لهم مَن هو، وماذا يَفعل، وكيف سيكون مستقبله. وهذا الجواب الشَّامل الحكيم هو مِن أعظم كلمات الكِتَاب المُقَدَّس، فادرسه، واحفظه في قلبك.
لم ينكر المَسِيْح جوهره الحقيقي ليُنجِّي نفسه بالكذب، بل قال: "أنا هو". وهذه العبارة هي ركيزة العهد القَدِيْم، وأساس العهد الجديد. وبهذه العبارة أوصى الرَّبّ في الوصايا العشر قائلاً: "أنا هو". وأعلن نفسه أيضاً لموسى في العُلَّيْقَة الملتهبة في البرِّيَّة. وهكذا ذكر المَسِيْح نفسه مراراً في إِنْجِيْل يُوْحَنَّا: "إنَّي أنا هو". فالمَسِيْح لم يُسمِّ نفسه "ابن الله" فقط، بل أوضح بقوله أنَّ الله بنفسه حالٌّ فيه، على الرَّغم مِن وقوفه مقيَّداً وسط الشُّيوخ الّذين أخذتهم الدَّهشة.
عرف يَسُوْع أنَّ اعترافه هذا يعني موته حتماً. لكنَّه أبصر أكثر من هذا، ورأى السَّماء مفتوحةً. وأعلن قيامته مسبقاً، وصعوده ووصوله إلى أبيه، وجلوسه عن يمينه في مكان العظَمَة، لأنَّه وحده خلَّص البشر. والجلوس عن يمين الله كان محفوظاً للمَسِيْح حسب الوعد: "قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي, اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ" (المَزْمُوْر 110).
بهذه العبارة قال يَسُوْع للشُّيوخ السَّبعين الّذين أمامه إنَّهم ليسوا هم الّذين يدينونه، بل على النَّقيض، إنَّ الله سيضعهم موطئاً لقدمي يَسُوْع. وبوَحْيٍ آخَر مِن (سفر دانيال 7: 13) شهد الشَّاب النَّاصِرِيّ أمام قضاته المُثقَّفين أنَّه هو في الحقيقة القاضي الأزليّ، إذ سمَّى نفسه ابن الإنسان الآتي في سُحُب السَّماء ليدين الأحياء والأموات.
كان كلّ إسرائيلي آنَذَاكَ يعرف معنى هاتين الآيتَين اللَّتين وحَّدهما يَسُوْع في جملة واحدة، للاعتراف بمَسِيْحيَّته أمام مجلس الأمَّة. وقد برهن بهذه الكلمات الموجَزة العميقة أنَّه ابن الله الحيّ والمَسِيْح الحَقّ والقاضي الأزلي والرَّب بنفسه. فكان على الحضور أن يسجدوا له حالاً، ويستقبلوه بهتاف وخُضُوْع مع التَّسابيح.
وهكذا لم يبقَ لزعماء إسرائيل إلاَّ أن يختاروا إمَّا الخُضُوْع ليَسُوْع فوراً، أو الحكم عليه بالموت. فاتَّهموه بالتَّجديف، وحكموا عليه بالموت، وضربوه علانيةً، علامةً على أنَّهم غير مشتركين بهذا التَّجديف، لكي لا يحلَّ غضب الله عليهم.
وقف أمامهم حَمَل الله الوديع صامتاً، واحتمل البُغْضَة والحقد والشَّرَّ دون أن ينطق بكلمة واحدة. فالبشر في عصيانهم قد ضربوا ابن الله وبصقوا في وجهه. فما موقفك أنت؟ هل تسجد له وتحبُّه، أم ترفضه وتشترك في صلبه؟

الصَّلَاة
أيُّها الرَّبّ يَسُوْع الحيّ، أنت ربِّي وإلهي وقاضيَّ وفَادِي. أستودع روحي ونفسي وجسَدي بين يديك مع إخوتي وأخواتي. اغفر لنا جُبْنَنا وذَنْبنا، وقدِّسْنا إلى التَّمام، لنشهد بألوهيَّتك دون خوفٍ أو وَجَل، وعَلِّمْنا أن ننتظر مشيئتك، لأنَّك جالسٌ عن يمين الله، وستأتي قريباً في مجدٍ عظيمٍ. آمين.
السُّؤَال
ما هو معنى جواب يَسُوْع أمام مجلس اليهود؟