Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
الأخطار والعذاب في سبيل التبشير
( 10: 16-25)
10:16هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. (مر13:9-13، لو10:3؛21:12-17، رو16:19، أفسس5:15)


تصور لو تحقق مَثَل المسيح عن إرسال حملان بين ذئاب جائعة مفترسة، ماذا يحدث؟ ولأي مدة تبقى الحملان حية؟ إنه في لحظة واحدة تفترسها الذئاب ولا يبقى منها شيء يذكر.
كان يبدو أنه ليس من باب الشفقة من جانب المسيح ان يعرّض من تركوا كل شيء ليتبعوه لأخطار كهذه. لكنه عرف أن المجد المحفوظ لخرافه حينما يقفون عن يمينه في ذلك اليوم العظيم، سوف يكون مكافأة كافية لهم عن آلامهم وخدماتهم أيضاً. هم كغنم في وسط ذئاب، هذه حقيقة مرعبة، لكن ما يعزيهم أن المسيح هو الذي أرسلهم، لأن من يرسلهم هو كَفيلٌ بحمايتهم وتدعيمهم. لكنه يخبرهم بما ينبغي أن يتوقعوه لكي يكونوا على علم بأسوأ الظروف والأحوال.
هكذا يرسلنا المسيح إلى ملبوسي روح عصرنا. إنما لا نموت حالاً لأن المسيح مسؤول عنا. فلسنا وحدنا بل هو معنا، واسمه علينا، وقوته تحيطنا. ولعندما تطيع أمر يسوع للتبشير في محيطك يتولّى حمايتك، ويلاحظ خدمتك، ويدبّرك بحكمة إلهية. الخطر موجود، لكن الرب موجود أيضاً، وعليه اتكالنا. ولكي لا يتركهم لوحدهم، يسند المسيح النصائح الغالية لأتباعه وسط هذا العالم الموحش والمليء بالذئاب.
يطلب المسيح من تلاميذه أن يكونوا حكماء كالحيات، على شرط أن لا يؤذوا احداً "بسطاء كالحمام". إنها نصيحة، يحثنا فيها المسيح على الإقتداء بحكمة الحكماء، الذين يعرفون طريقهم، وعلى أن نكون نافعين في كل الأوقات، سيما أوقات الشدائد والمحن والآلام. "فكونوا" لأنكم معرّضون للمخاطر كغنم في وسط ذئاب. كونوا حكماء كالحيات، لا حكماء كالثعالب التي تنصب حكمتها على تضليل الآخرين، بل كالحيات التي تنحصر حكمتها في الدفاع عن نفسها، وطلب النجاة.
وفي سبيل الدفاع عن حق المسيح، ينبغي أن نكون مستعدين لبذل الحياة، وتضحية كل ملذاتها، لكن ينبغي أن لا نكون مسرفين ومبذرين في التضحية. ومن حكمة الحية أن تخبئ رأسها لكي لا يسحق. فلنكن حكماء ولا نجلب المتاعب على أنفسنا وعلى الآخرين. لنصمت في وقت الشر ولا نسيء لأحد.
بالمقابل يطلب المسيح من اتباعه ان يكونوا بسطاء كالحمام. كونوا لطفاء وودعاء وغير سريعي الإنفعال. لا يكفي أن لا تؤذوا احداً، بل لا تحملوا أية ضغينة لأحد. كونوا بلا مرارة كالحمام. وهذه الوصية ينبغي أن تتماشى دائماً مع سابقتها. لقد أُرسلوا في وسط ذئاب، لذلك ينبغي أن يكونوا حكماء كالحيات.
إن الحية ترمز إلى الأبالسة، اما الحمامة فترمز إلى الروح القدس، فعلى المسيحي أن يكون ذكياً ومتفتحاً أكثر من الشياطين، لكن في قداسة الروح القدس بدون شر أو لوم.