Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
أولاً-شيوخ اليهود يرفضون المسيح
( 11: 2 – 12: 50 )

جواب يسوع لوفد المعمدان
( 11: 2-19 )
11:2أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلامِيذِهِ، (3) وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟ (4) فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ: اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: (5) اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. (6) وَطُوبَى لِمَنْ لا يَعْثُرُ فِيَّ. (ملاخي3:1؛ إشعياء35:5-6،31:1؛ لوقا7:18-23)


بعدما أرسل المسيح رُسله إلى المدن والقرى، تبعهم ورسَّخ عملهم، وأكمل خدماتهم وثبَّت مستمعيهم في بشارة ملكوت السموات، فانتشرت شهرته إلى كل الأصقاع. في هذا الوقت أخذوا يهمسون فيما بينهم: أهذا هو النبي الموعود المرسَل من الله؟ لقد أتى بالآيات المدهشة والمختصة بالمسيح المنتظر، إذ ليس أحد يقد على إقامة الموتى إلاَّ هو.
استمرت الخدمة رغم الزج بيوحنا في السجن، وهذا لم يزد في آلامه، بل بعث في نفسه تعزية كبرى. لا شيء يبعث تعزية في نفوس شعب الله في آلامهم بقدر ما يسمعون "باعمال المسيح" سيما إذا ما اختبروها في نفوسهم. هذا يحول السجن إلى قصر، والمسيح يعلن محبته بأية طريقة من الطرق لمن يتألمون من أجل الضمير. لم ير يوحنا أعمال المسيح، لكنه سمع عنها بسرور وطوبى لمن لم يروا بل سمعوا فقط ومع ذلك آمنوا.
وصل الخبر المسيح إلى يوحنا وهو في السجن، فترقَّب أن يأتي المسيح إليه ليطلقه بمعجزة من سجنه، لأنه كان الممهد لطريقه باستقامته، إنه أعز صديق له، وقد تألم لأجل الحق مظلوماً سجيناً. فانتظر بشوق إبادة الحكام الظالمين بفوز ملكوت السموات العظيم. لكن رغم الانتظار الطويل، لم يأت الملك يسوع. فبقى يوحنا في السجن، مقيداً، معذبا ووحيداً.
بدأ الشك يغزو نفس يوحنا في قدرة المسيح وألوهيته، فبعث إليه من يسأله: هل أنت المسيح المنتظر، أم لا؟ لم يجبه المسيح مباشرة، بل أرشده إلى النبوءة الواردة في إشعياء (35: 5، 6) مفسراً له أن عبد الله الموعود به قد جاء، وهو يخلّص الساقطين من الأمراض والخطيئة والموت. وهذه الأعمال الفريدة هي الدليل القاطع على أن يسوع هو المسيح المنتظر.
يظن البعض أن يوحنا بعث بهذا السؤال لكي يقتنع هو شخصياً. صحيح أنه سبق أن شهد شهادة سامية جداً عن المسيح، فقد صرّح بأنه هو "ابن الله" (يو1: 34) وأنه هو "حمل الله" (يو1: 29)، وهو "الذي يعمد بالروح القدس" (يو1: 33) وأنه "أرسله الله" (يو3: 34). وهذه كلها حقائق سامية. ولكنه أراد أن يزداد تأكداً بأنه هو المسيا الموعود به والمنتظر منذ أجيال طويلة.
كان يوحنا ينتظر ملكاً سياسياً ليبيد بسلطانه الظلم المنتشر في العالم، ويحرر الأتقياء المضطهَدين. لكن المسيح لم يعتمد على استخدام الفأس لقطع الأشجار الرديئة، إنما خلّص الضالين، شفى الضعفاء، وزرع الرّجاء في قلوب المتشائمين، لأنه لم يأتِ ليدين ويقاصص، بل أتى كحمل الله الوديع، الذي يحمل خطايا المذنبين على عاتقه نيابة عنهم.
ربما كانت ظروف يوحنا وقتذاك هي الباعثة على شكوكه. فقد كان سجيناً، ولعله قد خامرته هذه الشكوك: إن كان يسوع حقاً هو المسيا، فلماذا وأنا صديقه وسابقه أكابد هذا الضيق الذي أعانيه منذ زمن طويل، ورغم ذلك فإنه لم يفتقدني قط، ولم يهتم بي، ولا أرسل إلي أحداً، ولا سأل عني، ولا فعل شيئاً يخفف عني مرارة السجن أو ينقذني منه؟ لا شك في أنه كان هنالك مبرر لعدم زيارة الرب يسوع ليوحنا في السجن، لئلاّ يبدو بأن هنالك محالفة بينهما. لكن يوحنا أول ذلك بأنه إهمال له، وربما أحدث هذا صدمة لإيمانه في المسيح.
يظن البعض الآخر أن يوحنا ارسل تلاميذيه إلى المسيح بهذا السؤال لإقناعهما وليس لإقناعه هو شخصياً. لاحظ بأن تلاميذه كانوا ملتصقين به، يمثلون أمامه، مستعدين لتلقي تعليماته رغم أنه كان سجيناً. فإنهم أحبوه ولم يريدوا أن يتركوه. فرغب يوحنا أن يحول تلاميذه إلى المسيح كأنه يرقى بهم من المدرسة الإبتدائية إلى الجامعة. ولعله سبق فرأى موته يقترب، ولذلك أراد أن يزداد تلاميذه تعرفاً بالمسيح الذي سوف يتركهم لعنايته.
كان على يوحنا تغيير جوهر تفكيره ليتعلّم أن المسيح هو المحبة. ويشعر أنه ينبغي على حمل الله أن يتألم ويموت ليفدي العالم الأثيم. كان هذا الفكر الجديد درساً صعباً على يوحنا، لأنه لم يكن يتماشى مع روح العهد القديم الذي تربى عليه اليهود وفهموه.إن محبة الله ظهرت في المسيح لطيفة، آتية بتواضع ووداعة، وليس بتسلط وعنف وسلطة.

الصَّلَاة
يا إلهنا القدوس، أنت المحبة الرحيمة. نسجد لك، ونلتمس منك انسكاب محبتك في قلوبنا لنسلك بفرح وتواضع وصبر وطول أناة، وندرك جوهر المسيح في الإنسان يسوع ونتبعه إلى الموت، لنمتلئ بفضائله ونصير قديسين بلا لوم في القداسة.
السُّؤَال
لِمَ لم يحرر يسوع المعمدان من السجن؟