Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
11:7وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هذَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ (8) لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَاناً لابِساً ثِيَاباً نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ. (9) لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيّاً؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. (10) فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَاأَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. (11) اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. (12) وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. (13) لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. (14) وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ. (15) مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ. (لوقا1:76؛7:24-35، ملاخي3:23)


هنا نجد الثناء العظيم الذي خلعه الرب يسوع على يوحنا المعمدان، ليس فقط تكريماً له بل ايضاً تكريماً لعمله. أدرك المسيح بأن بعضاً من تلاميذه قد ينتهزون فرصة السؤال الذي وجهه يوحنا إلى معلمهم فيظنون بأنه ضعيف ومتردد ومناقض لنفسه. ولمنع هذا نرى المسيح هنا يبين صفاته الحقيقية.
عبَّر المسيح عن كامل ثقته بيوحنا المعمدان رغم الشكوك التي خامرته، لأنه أعدَّ طريقه بإخلاص حسب النبوءات، وضحَّى بحياته لله، وعاش بتقشف، ولم يجمع أرباحاً لنفسه. لقد بيَّن المسيح ثقته فيه بشهادة لامعة أمام الجماهير، إذ قال إنه لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا. فلا نابليون ولا قيصر ولا أرسطو ولا أفلاطون ولا بوذا ولا أي نبي آخر هو قمة البشر، بل يوحنا المعمدان وحده.
لماذا صار المعمدان أعظم الرجال؟ لأن الله أعلن له أن المسيح هو حمَل الله، ومعطي الروح القدس للتائبين. فكان يوحنا خاتم أنبياء العهد القديم. مع ذلك خدم وأطاع، سلَّم نفسه للمسيح بلا قيد أو شرط. اعتبر ذاته غير مستحق أن يحلّ سيور حذاء المسيح، أرشد الجماهير إلى يسوع أنه المسيح. رأى يوحنا الروح القدس نازلاً على يسوع في هيئة حمامة، وسمع بأذنيه صوت الله: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت». فكان يوحنا أول شاهد وشهيد لوحدة الثالوث الأقدس، أكثر من موسى وكل الأنبياء الآخرين.
أعلن المسيح وجود أناس أفضل وأسمى من يوحنا، هم أعضاء ملكوت الله المولودين من الروح القدس، فالله أبوهم وهم من أهل بيته، هم الذين برَّرهم المسيح بالنعمة، واصطفاهم ليكونوا سفراءه، واضعاً عليهم خدمة ومسؤولية المصالحة مع الله. فأصغرهم أعظم من كل عظيم جاء ذكره في العهد القديم.
إن الذين يحضرون لسماع الكلمة سوف يوجه إليهم السؤال عن الغاية من حضورهم، وعما استفادوا من الحضور. نحن نظن بأن كل شيء ينتهي بانتهاء العظة، كلا بل أن أهم واجب يبدأ بانتهائها. فإنه بمجرد انتهائها يوجه إلينا هذا السؤال:" ماالذي استفدته من هذه الخدمة؟ ما الذي أتى بك إلى هنا؟ هل أتيت على سبيل العادة؟ أم لمجرد مرافقتك لبعض الخلان؟ أم كان الدافع هو الرغبة في تمجيد الله والحصول على بعض الخير لنفسك؟ ما الذي حصلت عليه؟ أية معرفة أو نعمة أو تعزية؟ "ماذا خرجت لتنظر"؟
هل أصبحت ابناً لله؟ ردِّد هذ الكلمات: أنا عبد باطل، وأخلاقي الطبيعية ملطخة بالخطايا والعيوب، لكن الحمد والشكر لله، دم المسيح غسلني، وروحه القدوس قدَّسني، وأوقد فيَّ نار المحبة. فأنا موقن أن الله هو أبي السماوي، أتكلم معه يومياً، وأُصغي إلى كلمته الحنونة. لقد أصبحت فرداً في ملكوته، وسأظل محفوظاً فيه بقدرته، والموت بالنسبة لي باب يؤدي إلى الحياة الجديدة والخالدة مع أبي السرمدي.
إن اعترفت معنا بهذا الإيمان، في يقين الروح، تكون قد دخلت إلى ملكوت الله بالقوة، واغتصبت لنفسك حق النعمة والنبوة، لأن كل من يؤمن بالمسيح يخلص رغم خطاياه، كما قال يسوع: «إيمانك خلَّصك»
إن أمور الله على جانب عظيم من الأهميّة، وكل "من له أذنان للسمع"، ليسمع أي شيء، خليق به أن يسمع هذا. يُفهم من هذا ضمناً أن الله لا يطلب منا شيئاً أكثر من أن نحسن استعمال المواهب التي سبق أن أعطانا إياها، وننميها. إنه يطلب ممن له أذنان أن يسمع. وممن له عقل أن يتعقّل. لذلك فإن كان الناس جهلاء فليس ذلك لأنهم تنقصهم القوة بل الإرادة. وإن كانوا لا يسمعون فلأنهم يسدون آذانهم كالصل.

الصَّلَاة
أيها الآب المحب، أنت أبونا الحق، والمسيح ربنا القدير. نسجد لك وله، ونتهلل لأنك خلصتنا بدم يسوع ونحن عبيد باطلين. حررتنا من سلطة الخطيئة ورهبة الموت، ونقلتنا إلى الحياة الأبدية، وفوضتنا بخدمة المحبة، لندعو كل الخطاة أن يتصالحوا معك، ويؤمنوا بابنك، فيحصلوا على خلاص تام وكامل.
السُّؤَال
لم اعتبر الأصغر في ملكوت الله أعظم مرتبة من يوحنا المعمدان، خاتم أنبياء العهد القديم؟