Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
12:25فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. (26) فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ (27) وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! (28) وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللّهِ! (29) أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَّوَلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟ (30) مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. (إشعياء49:24، مر9:40،1يو3:8)


إن المسيح يعلم ما نفكر فيه في أي وقت، يحاول أن يوضح لمبغضيه أن اتهامهم له بالتعاون مع رئيس الشياطين قول تافه، لا أساس له من الصحة. فقدم لهم أربع أدلة منطقية ليفتح بها أذهانهم. فالمسيح لم يرفضهم أو يبغضهم أو حتى يلعنهم بل تقرب منهم ليوضح لهم ويفتح أعين قلوبهم.
كانت إجابة المسيح على هذه التهمة قوية ومقنعة لكي يسد كل فم بالحجة والبرهان قبل أن يسد بالنار والكبريت. نرى المسيح هنا يؤكد سخافة هذا التفكير، أمر غريب جداً وغير قابل للتصديق مطلقاً أن يخرج الشيطان بمحالفة كهذه، إذ يترتب عليها أن مملكة الشيطان تصبح "منقسمة على ذاتها" وهذا أمر لا يمكن تصوره نظراً لدهاء الشيطان الشديد.
هنا تبسط امامنا قاعدة معروفة، وهي أن الخراب العام في كل الجماعات هو نتيجة الإنقسامات المتبادلة "كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب" وكذلك كل أسرة. قال أحد الحكماء "تبقى الأسرة قوية والجماعات ثابتة طالما كانت العداوات والإنقسامات لا تقوض أركانها". إن الإنقسامات تنتهي عادة بالخراب. إذا تصادمنا نتحطّم، وإذا انقسمنا بعضنا على بعض أصبحنا فريسة سهلة للعدو المشترك. وبالأحرى "إذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضاً فانظروا لئلاَّ تفنوا بعضكم بعضاً" (غلاطية5: 15).
أوضح المسيح للجمهور أن البيت المنشق على ذاته لا يدوم، فلا يخرج الشيطان شيطاناً، وإن إخراج الآخرين للأرواح النجسة باسم رب الأحد لم يكن بمعية ومساعدة من رئيس الأبالسة.
أظهر لهم المسيح أنه قادر على ربط الأرواح النجسة وطردها بصفة نهائية، لأنه أقوى منهم ومن رئيسهم. أعلن لهم المسيح أن إخراجه للشياطين بقوة روح الله يدل على اقتراب ملكوت السموات. فكل من يُفكر ويعقل يستطيع أن يفهم ويدرك، ومن يدرك يستطيع أن يتيقن. غير أن المتدينين كانوا ملبوسين من الأرواح الشريرة، كما كانت قلوبهم مُتحجّرة ومتقسّية على المخلص الوحيد، لهذا لم يدركوا أقوال المسيح ولم يحصلوا على خلاصه ورحمته.
إن أرواح جهنم واحدة حتى لوظهرت مختلفة في أوروبا وآسيا أوأفريقيا. قد تفسد في أميركا بطريقة مغايرة لإفسادها في الشرق الأوسط. وأحياناً تتحارب المذاهب والأحزاب الشيطانية معاً، لكنها بالحقيقة تشترك في خراب أنفس الملايين وإهلاكها، منشئة فيهم حب المال والشهوات الدنسة والحروب المبيدة. هدفها في كل هذه البلايا تقسّي القلوب ضد روح الله، ودمار الضمائر.
أبصر البشير يوحنا، في رؤية، صورة الشيطان الذي له سبعة رؤوس، وكل رأس يتكلم بلسان وكذبة خاصة. غير أن كل الرؤوس كانت منسجمة ومتحدة ضد المخلص يسوع. للأسف يحاول بعض الناس شفاء أنفسهم عن طريق الإتصال بالأرواح الرديئة التي لا تعود بالنفع لا عليهم ولا على أقربائهم. بيد أن هذا الإتصال لا يعني تحرراً حقاً، لأن الإنسان الذي يذهب إلى العرَّافين أو ضاربي المندَل أو السّحَرة، لا يتحرر ولا يحصل على العون، بل يرتبط في أعماق باطنه أكثر، ويصبح من مواطني جهنم.
أما المسيح، فبروح الله القوي، يربط ويخرج أرواح جهنم من الملبوسين. الحمد لله لأنه توجد قوة أقوى من كل السلطات السُّفلية والإرتباطات في المذاهب المضلة، وهذه القوة العظمى هي الله بالذات في الروح القدس، الذي يمجد المسيح ودمه. إن هذا الروح الطاهر يؤكد لنا أن المخلِّص يسوع قد غلب الشيطان وأتباعه على الصليب وجرَّده من سلطانه. فالمسيح هو المنتصر الفريد، ومن يلتصق به يتحرر من قيود الخطيئة وادعاءات جهنم، ويُحفظ من تأثيرها إلى الأبد. ويرمز تحرير الملبوسين إلى اقتراب ملكوت السموات.
إن سلطان المسيح أعظم مما ندرك، لأنه يملك اليوم في السماء وعلى الأرض، يخلّص أفراداً وأفواجاً في كل القارات. آمن معنا أن يسوع قد غلب كل روح شرير في أُمَّتنا، ويحرر كثيرين من سلاسلهم، وينجِّيهم من البُخل والدعارة والتعصُّب والاستكبار، ليخضعوا له بفرح واطمئنان.
كان القصد من إنجيل المسيح أن يحطم بيت الشيطان الذي حفظه في العالم كشخصية قوية، ان يحول البشر "من ظلمات إلى نور" من الخطيئة إلى القداسة، من هذا العالم إلى عالم أفضل، "من سلطان الشيطان إلى الله" (أعمال26: 18)، أن ينقل ملكية النفوس.
انتزع المسيح السيف من يد الشيطان حينما أخرج الأرواح النجسة بكلمته، لكي ينتزع منه سلطانه. تعلمنا تعاليم المسيح كيف نفسر معجزاته، فعندما بيّن كيف استطاع إخراج الشياطين من أجساد البشر بكل سهولة واقتدار فإنه بذلك يشجع كل المؤمنين لكي يثقوا بانه مهما اشتدت قوة الشيطان التي يعبث بها في نفوس البشر فإن المسيح بنعمته يستطيع أن يربطه. عندما رجعت الأمم من عبادة الأوثان إلى عبادة الله الحي، عندما تبرر وتقدس بعض من أشر الخطاة وأصبحوا من أعظم القديسين، حينئذ نهب المسيح بيت الشيطان. وسوف نرى أنه سينهبه أكثر فأكثر.
يُفهم ضمنياً أن هذه الحرب المقدسة التي شنها المسيح بعنف ضد الشيطان ومملكته كانت بحيث لا تسمح بالحياد "من ليس معي فهو عليّ) لقد تعلمنا أنه في الخلافات البسيطة التي قد تنشأ بين تلاميذ المسيح ينبغي علينا أن نلطِّف من شأن المسائل المختلف عليها وأن نسعى للسلام بأن نحسب "من ليس علينا" أنه معنا (لو9: 50). أما في الخصومة الشديدة القائمة بين المسيح والشيطان فينبغي أن لا نفكر في السلام، كما ينبغي أن لا نلتمس المعاذير لمن يقف على الحياد، فإن من لم يكن مع المسيح من كل القلب فهو عليه، ومن كان بارداً بإزاء قضية المسيح نُظر إليه كعدو.
هل تشترك في هذا الكفاح بإيمانك وصلواتك وإرادتك؟ هل أنت للمسيح ومعه أم ضده؟ إن كل من لا يشاركه في جهاده الحسن يصبح عدوه ومهلكاً لذاته. إن كل من يشترك في هذا الجهاد الروحي عليه أن يعترف أولاً بكل خطاياه أمام الرب، ويعيش مع عائلته تحت حماية دم يسوع المسيح، ويسلك وديعاً متواضع القلب، فلا يجد الشرير مسلكاً إليه.

الصَّلَاة
نعظمك أيها الآب السماوي لأن ابنك لبس سلطانه بعد انتصاره على إبليس، ويحرر اليوم بروحه القدوس أناساً من قيودهم الشيطانية، وآثامهم النجسة، وعماهم الأسود. نؤمن بنصره بيننا، ونشكرك لفوزه بتهلل، ليتحرر كثيرون من اعتقادهم الضال. فينشأ فيهم الإيمان المبني على المحبة والصليب والتضحية.
السُّؤَال
ماذا فهمت من جهنم ونصرة المسيح؟