Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
آية يونان النبي
( 12: 38-45)
12:38حِينَئِذٍ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ: يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً(39) فَقَالَ لَهُمْ: جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. (40) لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاثَ لَيَالٍ، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاثَ لَيَالٍ. (41) رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا! (42) مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأََرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! (يونان2:1، مر8:11-12، لو11:29-32، أف4:9،1بط3:19)


طلب اليهود من المسيح معجزة، لا بدافع الثقة والمحبة، بل بهدف التجربة، لكي لا يضطروا للإيمان بألوهيته. هكذا لا يريد البشر الإيمان، بل يطلبون البراهين المنطقية والأدلة الملموسة على وجود الله.
فلا يهتمون بالمسيح ولا يدركون الروح القدس. لا يستطيع أحد أن يبرهن وحدة الثالوث الأقدس بسبب قساوة قلوبهم. وحتى نحن لا نؤمن بعقولنا أولا، بل محبة المسيح ألهمتنا الإيمان الذي هو هبة من الوحي الإلهي. فالإيمان يتطلب منَّا تجاسر ثقة عقولنا، وموافقة قلوبنا، لنتغلب على الشكوك النابعة من داخلنا.
فمن طبيعة الأشخاص المتكبرين أن يملوا إرادتهم على الله ثم يتخذون هذه حجة لعدم الولاء له. إن المسيح مستعد دائماً ليسمع ويستجيب الرغبات الطاهرة والصلوات البريئة، إلا أنه لا يمكن أن يحقق الشهوات الفاسدة والاميال المنحرفة، فالذين يطلبون ردياً لا يأخذون (يعقوب4: 3).
أعطى الله للناس العنيدين علامة خارقة، تفوق إدراكهم البشري واختباراتهم العملية، الا وهي قيامة المصلوب العظيمة. وهي التي دعيت هنا "آية يونان النبي". كانت هذه باقية لإقناعهم، وكان مقصوداً بها أن تكون الحجة العظمى لإثبات أن المسيح هو المسيا، لأنه بها "تعين ابن الله بقوة" (رو1: 4). لقد فاقت هذه الآية سائر الآيات، كملتها وتوجتها. "إذ لم يصدقوا" الآيات السابقة صدقوا هذه (خروج4: 9)، وإن لم تكف هذه لإقناعهم فلا يكفي أي شيء لإقناعهم. فكل من لا يؤمن بهذه الحادثة التاريخية، يكون ذا إرادة سيئة. بشّر المسيح بعد قيامته تلاميذه، نظير يونان الذي بعد خروجه من بطن الحوت، دعا أهل نينوى إلى التوبة. فظهورات المسيح وكلماته بعد قيامته، كانت البيان القاطع لألوهيته. وقد أعلن يسوع قبل موته أعجوبة قيامته العظمى أمام تلاميذه وأمام الشعب، لكي يؤمنوا به عند حدوثها.
رفض غالبية اليهود المسيح، مع أنه تكلَّم بسلطان إلهي. لكن كلماته الحنونة لم تدخل آذانهم، فتقسَّت قلوبهم. وهذا عكس ما عمله أهل نينوى الوثنيون، الذين قبلوا كلمة الله من يونان النبي بندامة وتابوا. أما اليهود فلم يرجعوا إلى ربهم رغم تجسُّد كلمته وحلوله بينهم. لذلك انتهى فيهم الشوق لمعرفة الحق، وظنُّوا أنهم وحدهم يعلمون شريعة موسى الحقّة، وأنهم أبرار كاملون.
يذكرنا الكتاب المقدس يذكِّرنا أن ملكة التيمن أتت من أقصى الجزيرة العربية إلى سليمان الحكيم، لتسمع حكمة الله التي في الملك. لكن اليهود القريبون من المسيح، رفضوا باستهزاء حكمة الله الكاملة التي تمثَّلت أمامهم.
فكيف هي حالتك؟ هل تشتاق إلى سماع كلمة المسيح؟ أتهزك عجائبه وقيامته العظيمة؟ هل تشتاق إلى حلول حكمة الله فيك، أم تجاري اليهود الذين قسوا قلوبهم وتمسكوا ببرهم الذاتي؟ هل أنت من الجيل الشرير، أم رجعت إلى ربك الحي مثل أهل نينوى، الذين عند سماعهم النداء للتوبة تابوا حقاً بدموع، وآمنوا بكلمة الله وخلصوا من غضبه المعلن ضدهم؟
يدعي البعض في أيامنا أن المسيح لم يبق ثلاثة أيام في القبر مثلما بقي يونان في بطن الحوت. واستدلوا بما جاء في إنجيل يوحنا بأن المسيح مات في ظهر يوم الجمعة، وقام فجر يوم الأحد.
إنه سؤال مهم، ونجيب هؤلاء المتسائلين بالتالي: عُهد في اللغة إطلاق الكل على الجزء، فيطلق اليوم على جزئه. ومعنى اليوم عند العبرانيين هو المساء والصباح، أو الليل والنهار. فمقدار الزمان المعبر عنه هنا بثلاثة أيام وثلاث ليال، الذي كان في الحقيقة يوماً كاملا وجزء من يومين آخرين وليلتين كاملتين، وسمي في أستير بثلاثة أيام وثلاث ليال. فورد في أستير ( أستير 4: 16) " لا تأكلوا ولا تشربوا ثلاثة أيام ليلاً ونهاراً" ثم ورد في ( 5: 1 ) " وفي اليوم الثالث وقفت أستير في دار بيت الملك الداخلية" وحصل الفرج في هذا اليوم ومع ذلك فقد قيل عن هذه المدة ثلاثة أيام. وورد في (سفر صموئيل الأول 30: 2 ) " لأنه لم يأكل خبزاً ولا شرب ماء في ثلاثة أيام وثلاث ليال". والحقيقة هي أن المدة لم تكن ثلاثة أيام بل أقل من ذلك، فإنه في اليوم الثالث أكل. كذلك ورد في ( أخبار الأيام الثاني 10: 5 ) "ارجعوا إلي بعد ثلاثة أيام" ثم ورد في ( آية 12 ) فجاء الشعب إلى يربعام في اليوم الثالث، فلم تمض ثلاثة أيام صحيحة بل مضى جزء منها. ومع ذلك ففهمت الأمة مراده. كذلك ورد في ( تكوين 42: 17و18) إطلاق ثلاثة أيام على جزء صغير منها، لأن يوسف كان كلم إخوته في أواخر اليوم الأول، واعتبر يوماً كاملاً، ثم مضى يوم واحد وكلمهم في اليوم الذي بعده، فاعتبروا ذلك ثلاثة أيام. وإذ توفي إنسان قبل غروب الشمس بنصف ساعة حسب له هذا اليوم يوماً كاملاً، مع أنه يكون قد مضى النهار بتمامه ولم يبق فيه سوى نصف ساعة فقط.

الصَّلَاة
أيها الآب القدوس، اغفر لنا ميلنا إلى الأرواح المضادة لروحك الأمين، وامنحنا الإيمان الصحيح بابنك، وسامحنا على قساوة قلوبنا واحفظنا في رغبة الإستماع لإنجيلك. اجعلنا نتوب توبة حقة حالما نسمع نداءك مع كل المؤمنين بقيامتك المجيدة.
السُّؤَال
من هو الذي يخص الجيل الشرير الفاسق؟؟