Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
13:18فَاسْمَعُوا أَنْتُمْ مَثَلَ الّزَارِعِ: (19) كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ. (20) وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأََمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ، (21) وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ. (22) وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. (23) وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ. (متى6:19-34، مر4:13-20، لو8:6-15،1تيمو6:9)


إن أمثلة المسيح مستقاة من الأشياء العادية المألوفة، لا من الآراء أو المعتقدات الفلسفية، ولا من مناظر الطبيعة غير العادية حتى ولو أمكن تطبيقها على الأمور الراهنة، بل من الأمور الواضحة كل الوضوح التي تشاهد كل يوم، وتقع تحت حس أبسط الناس. والكثير منها مستقى من الخدمات التي يمارسها الفلاح كهذا المثل ومثل الزوان. وقد اختار المسيح أن يفعل هذا لكي تصبح الروحانيات بهذه الوسيلة أكثر وضوحاً ولكي تقرب إلى أذهاننا بالتشابه المألوفة، ولكي نتخذ نحن من هذه الأشياء التي تقع تحت أبصارنا دوماً فرصة للتأمل بلذة في الحقائق الإلهية. وهكذا عندما تكون أيدينا أكثر مشغولة بالعالميات يمكن، ليس فقط رغم هذه المشاغل العالمية بل أيضاً بمساعدتها، أن نرفع قلوبنا إلى السماء.
إن كلمة الإنجيل هي كلمة الملكوت، هي كلمة الملك، وحيث وجدت هذه وجدت القوة والسلطان (جا8: 4). والزارع الذي يبذر البذار هو ربنا يسوع المسيح إما بشخصه او بخدامه، والشعب هم فلاحة الله والخدام عاملون مع الله (1كور3: 9) والتربة التي تزرع فيها البذار هي قلوب بني البشر التي تختلف بحسب أنواعها وأميالها، وباختلافها يختلف نجاح الكلمة.
إن قلب الإنسان كالتربة، من الممكن تحسينه، ومن الممكن أن يعطي ثماراً صالحة. ومن المؤسف أن يبقى مقفراً، أو يكون كحقل الكسلان (أم24: 30). والنفس هي المكان المناسب لكلمة الله لتستقر فيه، وتعمل وتحكم. وتأثيرها هو على الضمير، فهي تنير سراج الله هذا. وكما نكون تكون الكلمة لنا. وكما هو الحال مع الأرض، فإن بعض أنواع التربة مهما بذلت الجهود فيها وألقيت أجود أنواع البذار لا تعطي ثمراً، اما التربة الجيدة فإنها تعطي محصولاً وافراً، كذلك الحال مع قلوب البشر التي تمثل أخلاقهم المختلفة هنا بأربعة أنواع من التربة، ثلاثة منها ردية ونوع واحد فقط هو الجيد.
ماذا أنتَجَت حبة الإنجيل فيك: لا شيء، أو قليلاً، أو كثيراً؟! إدرس هذا المَثَل على ضوء التفسير الذي قدمه لنا يسوع، لتدرك من أنت. واطلب من المسيح أن يجعلك تربة عميقة صالحة للزرع. واطلب منه أيضاً تغيير ذهنك لتدرس كلمة الله بفرح واجتهاد. ليكن اهتمامك الأول منصبّاً على قراءة الإنجيل باستمرار ودقة لتعمل بما قرأته وتأتي بثمر كثير.
احذر من التحمس الزائد أو السطحيّة، لأن سماع الإنجيل بدون التوبة الحقة يصبح غروراً كما يشبه شخصاً بنى بيتاً على رمال دون أن يضع له أساس متين. اختار يسوع رسله من بين تلاميذ يوحنا المعمدان لأنهم تابوا توبة نصوحة، غير أن الجماهير التي تراكضت إليه بدافع المعجزات التي أجراها، تركت وتخلت عنه مباشرة في خضم الإضطهاد، لأن مجيئها لم يكن بدافع التوبة والخلاص بل كان نتيجة المنفعة الذاتية أكثر من المنفعة الروحية.
اطلب أيضاً من ربك أن ينصرك على همومك واهتماماتك، ويحررك من محبة المال، فتطلب أولاً ملكوت السموات وبره، وحينئذ ترى أن الله بذاته يهتم بك ويباركك.
إن الإضطهاد يشبه في المثل بالشمس المحرقة، فالشمس التي تدفئ وتنعش ماله أصل طيب هي بعينها تحرق ماليس له أصل. وكلمة المسيح، وكذلك صليب المسيح للبعض "رائحة حياة" وللآخرين "رائحة موت". ونفس الإضطهادات والضيقات التي تدفع البعض للإرتداد والهلاك تنشئ للآخرين "ثقل مجد أبدي". والتجارب التي تزعزع البعض تثبت الآخرين.
لاحظ كيف يتم سقوطهم سريعاً، فكما ينضجون سريعاً فإنهم يتلفون سريعاً، وما نحصل عليه بدون تأمل أو رويّة سرعان ما يطير.
لا شك أن كلمته المباركة تأتي فيك بثمر كثير، كما أن الحبة الواقعة في الأرض الجيدة تأتي بسنبلة ذهبية ممتلئة دون أن يتغير جوهرها أو تفقد شيئاً من خصائصها. فلا تأتي أنت بثمارك الخاصة الناتجة عن عقلك ونواياك، بل اجعل كلمة الله تتضاعف في حياتك، فالبركة والحياة من فضله وليست منا.
إن الذي ميّز هذه الأرض الجيِّدة عن سواها يلخّص في كلمة واحدة: "الأثمار". بهذا يتميّز المسيحيون الحقيقيون عن المرائين. إنهم "يثمرون للبر"، "بهذا يتمجّد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي" (يو15: 8)، لم يقل أن هذه الأرض الجيدة كانت خالية من الحجارة أو الأشواك، بل لم يكن فيها ما يعطلها عن الأثمار. ليس القديسون في هذا العالم خالين خلواً تاماً من بقايا الخطيئة، لكنهم متحررون من سيادتها.

الصَّلَاة
أيها الآب، قلبي قاس بطيء سطحي وشرير. كسِّر كبريائي واغلب نواياي الباطلة، وافتح أذني لسماع كلمتك. قوّ عزمي لدراسة كتابك المقدس باستمرار. نظِّم وقتي وإرادتي لأتعمق يومياً في إنجيلك المقدس، الذي ينير فؤادي ويثبِّتني في الإيمان الحق والمحبة العاملة والرجاء الحي.
السُّؤَال
ما هي الأنواع الأربعة لمستمعي الإنجيل؟