Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
من القلب تخرج أفكار شريرة
(15: 10-20)
15:10ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ: اسْمَعُوا وَافْهَمُوا. (11) لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ (12) حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَقَالُوا لَهُ: أَتَعْلَمُ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا الْقَوْلَ نَفَرُوا؟ (13) فَأَجَابَ: كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ. (14) اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ (15) فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: فَسِّرْ لَنَا هذَا الْمَثَلَ (16) فَقَالَ يَسُوعُ: هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ (17) أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ، (18) وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْبِ يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، (19) لأَنْ مِنَ الْقَلْبِ تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ. (20) هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا الأََكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. (تكوين8:21، مر7:1-13، أعمال5:38؛10:15، رو2:19، تيطس1:15)


يدعي المراؤون أن تناول بعض المأكولات والمشروبات المحرَّمة هي خطيئة كبيرة لا تغفر. وبهذا القرار الضعيف يظهرون أنهم لم يفهموا نجاسة قلوبهم بعد، فيحاولون ترويض الإنسان الشرير المتوحش لممارسة بعض المحرمات الباطلة.
لا شك في أن الكحول عدو الإنسان، كما أن النيكوتين من أهم مسبِّـبي مرض السرطان، أما التلفزيون فيساعد كثيراً على نشر الدّعارة والأكاذيب، ولحم الخنزير يضرّ الصحة . غير أن المسيح يوضِّح لنا جليّاً أن كل هذه الأشياء لا تسبب نجاسة للإنسان لأنه في طبيعته نجس رديء.
يخبرنا المسيح أن لنوع طعامنا أو حالة أيدينا أي تأثير على أرواحنا لتلويثها بأي فساد أدبي. "ليس ملكوت الله أكلاً وشرباً" (رو14: 17). إن ما ينجس الإنسان هو ما يدفعه لارتكاب الخطيئة امام الله، ويجعله يخطئ في حقه وغير خليق بالشركة معه أما ما نأكله بتعقل واعتدال فإنه لا يؤدي إلى هذه النتيجة لأن "كل شيء طاهر للطاهرين" (تي1: 15).
إن الذي ينجس الإنسان هو ما يخرج من فمه، فنحن نتدنس لا بما نأكله بأيد غير مغسولة بل بالكلمات التي تخرج من قلوب غير مقدسة. لذلك فالفم يجعل الجسد يخطئ (جا5: 6).
فمتى يدرك هؤلاء الأتقياء المراؤون أن الرسول بولس اعترف بعد الإصحاح السادس من رسالته إلى أهل رومية، التي تحدث فيها عن قداسة المؤمن وأن ليس في قلبه شيء صالح. فالصالح الذي أراده لم يعمله، والشر الذي لم يرده فإياه عمل.
إن المؤمن، حتى بعد تجديده وتقديسه، يجد في قلبه ميلاً للعصيان والتّمرد والتجربة للنجاسة، ويتمنى أن يربح أموالاً طائلة لتأمين حياته، أو النفور من إخوته وزملائه مما يؤدي إلى السقوط في المشاكل والأخطاء. فيجد ضميره يبكِّته، ويئِن ويصرخ مع بولس قائلاً :" ويحي أنا الإنسان الشقي، من ينقذني من جسد هذا الموت".
ليت الأتقياء يتوبون أولا، ويدركون عمق النجاسة التي في كيانهم، فيصبحون متواضعين في المسيح منكسري القلوب ومساكين بالروح القدس. عندئذ يطلبون الغفران بالدم المسفوك باستمرار وينالون القداسة الكاملة الموهوبة لمستحقي الضمائر. لكن يا للأسف، كثيرون لا يعتمدون على الغفران اليومي ولا على تقديسهم بالروح الذي يبيد الكبرياء دائماً، بل يمنعون بأحكامهم السطحية وتقاليدهم المتجمدة، طالبي الخلاص على يد المسيح من أن يتقدموا إليه رغم قيامهم بالإجتماعات الإنتعاشية المتعددة.
متى يدرك المراؤون أن بولس اعترف بعد الأصحاح السادس من رسالة رومية، الذي تحدث فيه عن قداسة المؤمن (أي في الأصحاح السابع مباشرة) أن ليس في قلبه شيء صالح حتى ولو بعد التجديد؟ فالصالح الذي أراده لم يعمله، والشر الذي لم يرده فإياه عمل.
لقد خلقنا الله بكيفية عجيبة جداً وهو يحافظ على حياتنا بكيفية اعجب. إن القوة الطاردة للفضلات في الجسم ضرورية جداً كأية قوة أخرى، فهي لازمة لطرد الفضلات او المواد الضارة، وهكذا نجد الطبيعة لحسن الحظ قادرة على أن تعين نفسها بنفسها، وتدبر أمورها بنفسها لصالحها. بهذه الطريقة لا يبقى شيء ينجس. فإذا ما أكلنا بأيد غير مغسولة واختلط شيء غير طاهر بطعامنا أفرزته الطبيعة وطردته فلا ينجسنا. اما غسل الأيدي قبل الأكل فهو على سبيل النظافة لا على سبيل إرضاء الضمير، وإذا ما وجهناه الإتجاه الديني كان ذلك خطأ فاحشاً. لم يهاجم المسيح مجرد الغسل بل الباعث عليه، كأن الطعام يقدمنا إلى الله (1كور8:8) بينما لا تقوم المسيحية على مثل هذه التصرفات والأعمال الظاهرية.
لا يتخلص الإنسان ولا يتقدس بحفظ الشريعة، بل بالإيمان بدم المسيح وحده. فلا يرضى الله إلا بالقلب المنسحق والروح الوديع. ويدفعنا الروح القدس إلى خدمات خيرية، لننظف غرف بيت جارنا المريض، وندفع ديونه، دون أن يعرف، وبدون أن نذكر كلمة واحدة عن خدماتنا.
الينبوع الفاسد هو الذي يخرج من الفم. إنه يصدر من القلب الذي هو ينبوع وأصل كل خطيئة (أرميا8: 7). القلب شرير بدرجة خطيرة، لأن كل الكلمات والتصرفات الخاطئة صادرة عن القلب، فهو أصل المرارة الذي "يثمر علقماً وأفسنتيناً" (تثنية 29: 18) إن جوف الخاطئ هوة شريرة جداً، كل الكلمات الشريرة تصدر عن القلب، وهي التي تنجس الفاسد تصدر كل التصرفات الفاسدة.
أيها الأخ، هل تعرف أن قلبك مخادع جداً؟ إنه مصدر أحلامك النجسة، وأقوالك الماكرة وأعمالك السيئة. هل تتذكر ذنوبك الماضية، إنها نتيجة أخلاقك الفاسدة، فاعرف نفسك وادرك مصدر نجاستك الساكن فيك. قدِّم نفسك ليسوع ليغلب رواسب خطاياك ويطهّرك من كل خطيئة. مع العِلم أن الصراع بين جسدك وروح الرب لا ينتهي مادمت هذه الأرواح على قيد الحياة. أنت في جهاد روحي فلا تطمئن، بل اسهر وصلِّ لكيلا تسقط في تجربة، لأن الروح نشيط، أما الجسد فضعيف.
إن أكبر تجربة للأتقياء هي الرياء المبني على الفكر الخاطئ، إنهم يتقدّسون أكثر من طهارة دم المسيح والروح القدس يحفظ الممانعات والواجبات الخاصة، فلا تسقط في هذا النوع من التجربة.

الصَّلَاة
أيها الرب يسوع الحنون، أنت عالم بنفسي وماضيَّ أكثر مما أعرف. خلّصني من نفسي ومن الرياء وإظهار «الأنا». حررني إلى حرية أولاد الله للتقديس بالإيمان في دمك الثمين، لأخدم كل محتاج بفرح. قدّسني إلى التمام لكيلا يبقى قلبي ينبوع الشر بل يصبح مصدر المحبة والعفّة والتأني.
السُّؤَال
ما هي الأفكار والأعمال الشريرة النابعة من القلب، وما هو ثمر الروح القدس؟