Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
نظام الزواج الحق
( 19: 1-12)
19:1وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذَا الْكَلاَمَ انْتَقَلَ مِنَ الْجَلِيلِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. (2) وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ هُنَاكَ. (3) وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟ (4) فَأَجَابَ: أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟ (5) وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. (6) إِذاً لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ. (تكوين1:27، مر10:1-12،1كور7:10-11)


عالج يسوع بعد موضوع الإستكبار والخصومات في الكنيسة نظام الزواج، لأن الزواج المسيحي ينبوع البركات المستمرّة إذا ثبت الفريقان في المسيح. وعندما يتعاهد رجل وامرأة على الزواج بإرشاد الله، ليس ابتغاء المال أو الشرف أو الجمال أو الراحة، أو حسب شروط العشيرة، بل يتحدان في قوة الروح القدس ويصليان معاً، عندئذ يعيشان في سعادة وكأنهما في السماء، لأن محبة الله تتجاوب معهما بالبركات العديدة.
إن الله لم يوجد الزواج المتعدد، بل خلق امرأة واحدة للرجل الواحد. ووحدة الزواج تعني وحدة القلوب أولاً. ومستحيل أن نجزئ المحبة. فلا انسجام أو سلام إذا أحب الرجل عدة نسوة وتزوجهن.
ونرى في إبراهيم الخليل أكبر مثل لحلول البؤس عندما تزوج امرأة ثانية مع امرأته الأولى، فحصلت البغضة والحقد والخداع والعذاب والدموع بكثرة على مرّ الأجيال.
يظن البعض أنه رغم إباحة الطلاق بحسب شريعة موسى إلا أنه كان هنالك نزاع بين الفريسيين بصدد الأسباب العادلة الداعية إلى الطلاق، ولذلك أرادوا معرفة رأي المسيح. فالقضايا المتعلقة بالزواج تعددت، وأصبحت في بعض الأحيان معقّدة، ولم تكن شريعة الله هي التي أدت إلى هذا، بل شهوات الناس وحماقتهم، وكثيراً ما كان الناس في هذه الحالات يقررون ما سيفعلون قبل أن يسألوا.
كان سؤالهم "هل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب". كان الطلاق مباحاً لبعض الأسباب كالزنى، ولكن أيمكن أن يكون مباحاً لكل سبب كما كان يحصل بين أكثر الناس استهتاراً؟ لأي سبب يخطر ببال المرء مهما كان تافهاً أو متهوّراً، لأي بغضة أو هوى؟ في مثل هذه الحالة كان طلاق الزوجة مباحاً بشرط أنها "لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيء" (تث24: 1) لكنهم تمادوا في التفسير حتى صرحوا بأن تكون أية مضايقة، ولو بدون سبب، علة طلاق.
مع أن السؤال كان القصد منه تجربة يسوع المسيح، إلا أنه إذ كان أمراً يتعلق بالضمير، وأمراً خطيراً، فقد أعطى عنه إجابة كاملة وسديدة وإن كانت غير مباشرة، واضعاً تلك المبادئ التي تبرهن بدون أدنى ريب على عدم شرعية حالات الطلاق التعسفية التي كانت متبعة وقتئذ والتي جعلت الروابط الزوجية في غاية التفكك.
ولكي يبرهن المسيح على أن هناك رباطاً قوياً بين الرجل وزوجته، يقدم لنا ثلاث حجج:
1. خلقة آدم وحواء: وبصدد هذه الحجة يلجأ إلى معرفتهم بالكتب "أما قرأتم" لقد قرأتم ولكنكم لم تعرفوا "أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى" (تك1: 27؛ 5: 2). خلقهما ذكراً وأنثى، أنثى واحدة لذكر واحد، وهكذا كان آدم عاجزاً عن تطليق امرأته لأنه لم يكن موجوداً غيرها ليتزوج بها. كانت هذه تتضمن أيضاً الرابطة التي لم تفصل، فقد كانت حواء ضلعاً من جنب آدم، ولم يكن ممكناً أن يطلقها لئلاّ يكون قد نزع عنه جزءاً من نفسه وبذلك يناقض العلامة الواضحة من خلقتها.
2. القانون الأساسي للزواج، وهو يترك "الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته". إن العلاقة بين الزوج وزوجته أقرب من العلاقة بين الآباء والأبناء، فإن كانت العلاقة البنوية لا يمكن فصلها بسهولة، فمن باب أولى لا يمكن فصل العلاقة الزوجية. أيمكن للإبن أن يهجر أبوبه، اويمكن للآباء هجر الأبناء لأي سبب أو لكل سبب؟ كلا، ومن باب أولى لا يمكن للرجل ترك امرأته، فالعلاقة بينهما أقرب والإرتباط أقوى من العلاقة والإرتباط بين الآباء والأبناء، إن لم يكن ذلك بحكم الطبيعة فإنه بحكم التدبير الإلهي. لأن العلاقة الزوجية تفوق العلاقة البنوية.
3. طبيعة عقد الزواج، فإنه اتحاد الشخصين "ويكون الإثنان جسداً واحداً" إن أبناء المرء جزء منه، أما زوجته فهي نفسه. وكما أن الرابطة الزوجية أمتن من رابطة الآباء بالأبناء، فهي كذلك تشبه لحد ما رابطة العضو بالآخر في الجسد الطبيعي. وكما أن هذا سبب لمحبة الأزواج لزوجاتهم، فهو أيضاً سبب لعدم ترك زوجاتهم "فإنه لم يبغض أحد جسده قط" أو يقطعه "بل يقوته ويربيه" (أف5: 29) ويبذل كل ما في وسعه للمحافظة عليه. "ويكون الإثنان جسداً واحداً"، لذلك ينبغي أن تكون الزوجة واحدة، لأن الله جعل حواء واحدة لآدم واحد (مل2: 15)، من ذلك يستنتج "فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان".
فإن لم تكن قد تزوجت بعد، اطلب منذ اليوم من ربك أن يرشدك لامرأة مؤمنة بالمسيح، مصلّية وقنوعة ومتواضعة، تجد في الكتاب المقدس قوة يومية تؤهلها لاحتمالك بصبر وطول أناة. إن الإيمان المشترك في المخلِّص يكون الأساس المتين للعائلة السليمة، للغلبة على المشاكل المقبلة في حياتكما.
هكذا أيضاً يجدر بالفتاة أن لا تُسلّم نفسها للتجارب وللمغامرات الجنسية معتقدة بأن مثل هذه الممارسات ستُعجّل بزواجها واقترانها بالطرف الآخر. إن هذا اعتقاد خاطئ، وللأسف نجد مثل هذه الممارسات بين المدعين أنهم مسيحيون. على الفتاة أن تطلب من الله زوجاً يحبها كما أحب المسيح الكنيسة. وإن تمت هذه الشروط يمنح الرب في الزواج وحدة أسمى وأفضل من صلة الجسد.
لا نتزوج لإرضاء شهواتنا، بل لنخدم بعضنا بعضاً بالمحبة. ومن لا يريد أن يكون الخادم الأول في العائلة فالأفضل أن لا يتزوج البتة. وفي عهد الزواج لا يعيش الزوجان إلاّ بغفران متبادل، نابع من محبة الله التي هي سر الزواج السعيد. والعضو الأقوى في الزواج هو من تغلّب أولاً على غضبه، مستغفراً الآخر، وآتياً بوجه لطيف غير عابس.
إن المحبة لا تعني الضعف والليونة، فلئن أخطأ أحد القرينين أو تكاسل، أو صرف فوق ما ينبغي، أو دلَّع أولاده، أو تقسَّى عليهم بخشونة وفظاظة، فعلى قرينه أن يصلّي بصبر، ويشهد متواضعاً بالحق أمام المخطئ. علماً أن كلمة المسيح تشمل الزوجين وأهدافهما، إذ يقول «اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرَّه، وهذه كلها تُزاد لكم».فإذا خضع الزوجان وسلَّما حياتهما ذبيحة حيَّة مَرْضيَّة للمسيح الحي، يتحقق روحه وفضائله وسلامه في هذا الزواج المبني على اسمه.

الصَّلَاة
أيها الآب السماوي، نشكرك لموهبة الزواج الإنجيلي. قد رفعتنا من المستوى الدنس إلى وحدة روحية وجسدية في الحق، متزوجين مؤمنين لكي نستطيع الحياة في قداسة. نحب ونخدم ونثق في بعضنا البعض بإخلاص. أعط للعائلات المسيحية أن تكون شهادة واضحة عن محبتك، ونوراً مضيئاً وسط الظلمة الدامسة.
السُّؤَال
ماهي المبادئ الهامة في الزواج المسيحي؟