Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
خراب أورشليم
( 24: 15-22)
24:15فَمَتَى نَظَرْتُمْ رِجْسَةَ الْخَرَابِ الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ - لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ – (16) فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، (17) وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئاً، (18) وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلا يَرْجِعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. (19) وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! (20) وَصَلُّوا لِكَيْ لا يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلا فِي سَبْتٍ، (21) لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. (22) وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ. (دانيال12:1، لو23:29، مر13:14-23، لو21:20-24)


بعدما لخَّص المسيح مباديء الدينونة التي ستقع على العالم كله في الأيام الأخيرة قبيل مجيئه، أوضح لتلاميذه عقوبات الله المزمعة أن تأتي على أورشليم، لأن الأمة اليهودية صلبت ابن الله.
طلب يسوع المسيح الغفران لأجلهم، واستجاب له أبوه لطلبته إنما بعد انسكاب الروح القدس رفضت الأكثرية منهم الإنجيل، واضطهدوا المؤمنين بالمسيح، فحل عليهم القصاص.
أما قوله «رجسة الخراب» ليست بصنم أو تمثال أقامه الرومان بعدئذ عوضاً عن الهيكل المنهدم، بل قد تمت قبيل التدمير الفظيع لأورشليم.
انقسم اليهود في ذلك الوقت إلى فرقتين، فحاصر الغيورون الذين استخدموا العنف ضد الكهنة في داخل الهيكل، ورموهم بحجارة ونيران، فسال دم الكهنة المقتولين قرب المذبح المقدس وغطى أرض دار الهيكل. استنتج المسيحيون الذين من أصل يهودي من هذا الجرم أنه رجس الخراب في وسط الهيكل أواخر سنة 70م في الوقت الذي كان فيه الرومان قادمين إلى أورشليم لحصارها، ففارقوا شعبهم حسب إرشاد نبوة المسيح الواضحة، والتجأوا إلى مدينة "بلا" في جنوب بحيرة طبريا، فارين من الحصار ومخلصين أنفسهم من الضيق العظيم الهابط على سكان عاصمتهم المقدسة.
بعد قليل أقبل القائد الروماني "تيطوس" بجيش كثيف، فحاصر أورشليم في أيام عيد الفصح، وهي مكتظة بالحجاج الوافين إليها بالملايين. استمر حصارها مدة خمسة أشهر، فحصل بسرعة قصوى جوع عظيم، حتى أن كثيراً منهم فروا مستسلمين للرومان الذين صلبوهم بلا شفقة. فارتفعت مئات الصلبان حول أسوار أورشليم القاتلة.
بعد فتح المدينة وإحراق الهيكل ودمار الأبنية الفخمة، سبى الرومان اليهود إلى الأسر والعبودية، وابتدأ ضيق غير مطاق عليهم، طبقاً لصراخهم أمام بيلاطس في محاكمة يسوع: دمه علينا وعلى أولادنا. وهكذا كان.
إن رجسة الخراب معناها اليوم الإنشقاق بين المؤمنين وانتقامهم من بعضهم البعض حتى الموت، في مكان مقدس، رغم الضيق والإضطهاد الزاحف عليهم من الخارج. وهذه المعرفة تدفعنا إلى التوبة والإستغفار إذا رأينا في جمعياتنا وكنائسنا وحلقاتنا تحزباً وانشقاقاً حتى يصير البعض محارباً للآخر. إن المسيحية المنشقة على نفسها هي مضادة لجوهرها الأصيل، فعلينا أن نخضع ونتواضع جداً، ونكرم ونحب ونغفر لبعضنا البعض، لكي لا نشترك في رجسة الخراب في أيامنا الحاضرة، حيث لا يتمم المؤمنون وصية المسيح الجديدة "المحبة المتبادلة"، ويقيمون مرة أخرى علامة العثرة الرجسة في البيت المقدس، ويمهدون لهبوط دينونة الله. إذا كان عندكم خصام فاصطلحوا مهما كلف الأمر، لكي لا تفقدوا أنفسكم وأنفس كثيرين، وأنتم مسؤولون عن الخراب إن لم تصطلحوا.
في أوقات الخطر الشديد ليس شرعياً فقط بل واجباً أن نطلب النجاة بكل الوسائل الشريفة الشّرعية. وإن فتح الرب باباً للنجاة وجب علينا أن نطلب النجاة، وإلا فإننا لا نثق في الله بل نجرّبه.
عندما يكون الموت على الأبواب فإن أي تأخير يكون شديد الخطورة. كان هذا ما أوصى به لوط "لاتنظر إلى ورائك" (تك19: 17). على الذين يقتنعون بتعاسة حياة الخطيئة، والهلاك الذي يقترن بحياة الخطيئة هذه، ويقتنعون بالتالي بضرورة هربهم إلى المسيح، أن يسرعوا لئلاّ يهلكوا إلى الأبد لسبب إبطائهم بعد كل هذه الإقتناعات.
كما أن حمل ثيابه ومنقولاته وأشياءه الثمينة معه يكون عبئاً عليه ويعرقل هربه. لما هرب الأراميون طرحوا ثيابهم عنهم (2مل7: 15). في وقت كهذا يستحسن أن نشكر الله إن أعطيت لنا نفوسنا غنيمة ولو لم ننج شيئاً من ممتلكاتنا. "فالحياة أفضل من الطعام" (مت6: 25). والذين يحملون أقل كمية ممكنة يكونون أكثر أمناً في هربهم. يقول المثل اليوناني "المسافر المفلس لا يسطو عليه اللصوص". وقال أحد الفلاسفة أثناء هربه وهو خاوي الوفاض "كل ممتلكاتي معي". من كان قلبه عامراً بالنعمة يحمل كل ممتلكاته معه وإن جُرد من كل شيء.

الصَّلَاة
أيها الآب نستحق غضبك وهلاكك فوراً، لأننا مستكبرون متباهون ومنقسمون إلى فرق وأحزاب، ونكره ونحتقر بعضنا البعض. اغفر لنا ظننا أننا خير من الآخرين، ووحدنا في تواضع المحبة، وعلى أساس كلمتك القوية.
السُّؤَال
ماهي رجسة الخراب؟