Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
حكم المسيح على أتباعه المحبين
(25: 34-40)
25:34ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ للَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. (35) لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. (36) عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. (37) فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟ (38) وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟ (39) وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ (40) فَيُجِيبُ الْمَلِكُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ. (إش58:7، أمثال19:17، متى10:42، عب2:11)


يسمِّي المسيح، القاضي الأزلي، أتباعه المخلصين «مباركي أبي» لأنهم أصبحوا بواسطة إيمانهم به أولاد الله بالحق والجوهر. فالقدوس الأزلي هو أبوهم. سكب روحه في قلوبهم، وملأ فؤادهم بمحبته الحارة، ومنحهم بركاته العديدة وصفاته السامية. لم يكونوا هم صالحين في ذاتهم، لكن بواسطة إيمانهم بالمسيح تغيَّروا مبدئياً وتجدَّدوا في كل نواحي حياتهم، فأصبحوا يحملون في قلوبهم ملكوت الله مستتراً، والذي سيظهر في مجيء المسيح مشرقاً من وجوههم، فيتحقق ما قاله المسيح: «طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض».
أوضح المسيح أن ملكوت السموات هو بالحقيقة ملكوت الآب، وأهل ملكوته إخوة في الروح، مولودين من أب واحد، اعتبرهم المسيح إخوته الخاصة.
هل تخص عائلة الله؟ هل تعرف أن القدوس هو أبوك؟ لست صالحاً ولا مستحقاً أن ترث الملكوت، لأن القدوس محبة، ولكن كل إنسان أناني نجس، أما محبة المسيح فتطهرك ودمه يقدسك بالتمام وروحه يدفعك إلى أعمال لطفه والمواظبة في خدمته. فالروح القدس هو عربون إرثنا العظيم.
لا يَزِن المسيح إيمانك العاطفي في ساعة الدينونة، بل ثماره الظاهرة في أعمال محبتك. لا يباحثك في العقائد والطقوس، ولا يسألك إلى أية طائفة تنتمي، بل يسألك إن كنت قد أشبعت الجائعين، خبزاً يومياً وغذاء روحياً. هو عليم بكل كأس ماء قدمته في سبيل الرحمة للمحتاجين، وقد سجَّل كل كلمة لطيفة عزّيت بها المضطربين، فاتحاً لهم الطريق إلى اجتماعاتكم المفرحة. هل أهديت مسكيناً قطعة ثوب جديدة أو حتى مستعملة؟ إن المسيح نفسه كان يتسلّم عطيتك ويلبسها، لأنه كان يتمثّل بكل صغير ومتضايق في دنيانا. فمحبّته قريبة للمحتاجين، وكل ما تعمله للآخرين، إنما تعمله للمسيح بالذات.
امتحن محبّتك امتحاناً دقيقاً، واحفظ كلمات المسيح المختصّة بالدينونة غيباً، لأن الديان الأزلي سوف يدينك من خلالها، فطبقها على حياتك لئلاّ تهلك.
إن تضحياتك هي امتيازك في الدينونة، ليس لتبرير نفسك، لأن هذا قد تمَّ على الجلجثة. فأعمالك الصالحة هي زيادة في الخير والأجر، وليست سبب الخير. سيظهر جوهرك الصحيح في يوم الحساب. هل تزور مرضى؟ هل تقرأ لكفيف كلمات بناءة؟ هل تساعد زملاءك الضعفاء الذين معك في الصف؟ هل تصلي لأجل المتشائمين والمنعزلين؟ هل سمحت لروح الله أن يغيرك إلى خادم أمين؟ إن كل أفكارك وصلواتك ودموعك لا تنفعك كثيراً، إن لم تحقق هذه المشاعر في خدمات حكيمة.
إن المسيح يرعى قضايا شعبه، ويهتم بما يهمهم، إذ يعتبر نفسه بأنه قد قبل وأكرم وأحسن إليه في أشخاصهم. لو أن المسيح نفسه كان بيننا في حالة فقر فما هو مقدار استعدادنا لإغاثته؟ ولو كان في السجن فكم مرة كنا نزوره؟ إننا نميل إلى حسد من كن يخدمنه من أموالهن (لو8: 3) حيث وجد القديسون الفقراء فإن المسيح مستعد أن يتقبّل في أشخاصهم عطفنا عليهم، وسوف يضاف هذا إلى حسابه.
الغريب في يوم الدين أن مباركي الآب سيسألون المسيح متعجّبين: متى خدمناك؟ فلم يعتبروا أعمال محبتهم مهمة، ولم يكونوا واعين لقيمة خدماتهم التبشيرية، فتكلّموا من قلب فائض المحبة، وساعدوا المساكين بجهد واستمرار وتحنّن. لم يقتربوا من الأغنياء والكبار والأذكياء والمشهورين، بل تواضعوا مع الصغار المحتقرين والأشرار المساكين، كما عمل المسيح قبلهم، لأن المخلّص لم يتّحد بالمتعجرفين، بل نزل من السماء ليشفي المرضى ويخلّص الخطاة. إذا أردت الالتقاء بالمسيح، فتّش عن أخيك الإنسان البسيط الصغير في محيطك. هناك تجد رب الأرباب ومخلّص العالمين وفي اتباعك للمسيح تتغيّر إلى صورته.

الصَّلَاة
أيها القدوس، أنت المحبّة، اغفر لي أنانيتي وانكسار قلبي المتكبر لكي أخدم الغوغائيين والمحتاجين بتواضع، وأبحث عن المساكين المتشائمين، كما جلست أنت مع الخطاة وخلّصتهم. املأني بمحبّتك لكي أرث مع كل مباركي أبينا ملكوتك الروحي الذي اشتريته لنا بموتك. نعظمك لأنك أنت الديان الأزلي وحسابي بين يديك، أنت فادينا وعلى موتك نلقي رجاءنا.
السُّؤَال
لماذا لم يتكلّم يسوع في الدينونة عن الإيمان بل ركّز على أعمال المحبة فقط؟