Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
التجديف الرسمي
(27: 39-44)
27:39وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُّزُونَ رُؤُوسَهُمْ (40) قَائِلِينَ: يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللّهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ! (41) وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضاً وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: (42) خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيبِ فَنُؤْمِنَ بِهِ! (43) قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللّهِ، فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللّهِ! (44) وَبِذلِكَ أَيْضاً كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ. (مز22:9، حكمة2:13و16-20، مت26:61، يو2:18)


بينما عُلق قدوس الله على خشبة العار وتمزقت عضلاته بثقل جسده حتى الموت، كانت قوات الجحيم تسطو عليه لتنتزع من صدره كلمة خاطئة أو تصرفاً أنانياً يتعارض مع فكر الفداء، فتبطل ذبيحته الفريدة. انطلقت محاولة جهنم بألسنة اليهود، وبينهم رؤوس الشعب، الذين قالوا: «إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب». وكأنهم يقولون له: انزل عن خشبة العار فنؤمن بألوهيتك. كان هذا التحدي تجربة هائلة لأن المسيح قد أتى لينشئ الإيمان في الضالين ويشفي السُقَمَاء. لكن المارين بجانب الصليب كذبوا واحتالوا مظهرين استعدادهم للإيمان به ليطلبوا مصالحة العالم مع الله. هل يوجد استهزاء وتجربة أشد من هذه: أن يُعلق هؤلاء الأثمة تصديقهم بيسوع أنه ابن الله على نزوله عن الصليب؟ ومما لا ريب فيه أن هذا الطلب هو من وحي الشيطان، لأن الشرير كان منذ البدء يحاول منع يسوع من تقدمه نحو الصليب ليتعطّل الفداء كله. فلو نزل يسوع عن مذبح العالم لتحقق هدف الشيطان ومبتغاه، أي عدم فداء الناس ورجوع الصلة بينهم وبين الله.
يظهر من استهزاء أعداء يسوع أنه اعترف بوضوح ببنوته لله، فشهد المارون من تحت صليبه بأوضح بيان عن اعتراف يسوع بأنه انسان حق من انسان حق، وإله حق من إله حق، مولود غير مخلوق ذو جوهر واحد مع أبيه السماوي. فمن يتجاسر ويعارض هذه الشهادة الجليّةـ يظهر بأنه يتعامى عن قدرة المسيح الظاهرة في معجزاته، ولم يدرك ضرورة آلام وموت المسيح في سبيل مصالحتنا مع الله، ولا يعرف حقيقته ومعنى قيامته من بين الأموات.
لم يصدق اليهود أن يسوع هو ابن الله، ولم يتوقعوا أن القدوس سيحرر المصلوب، بل بالأحرى جربوا الله ذاته باستهزائهم، ليخلص المعذب المسكين إن كان ابنه الحبيب. ما أعظم الشيطان الذي يلهم الناس تجربة غيرهم لتخريب الفداء الذي أعدّه منذ القديم.
كان عاراً على المسيح أن يصلب مع اللصين. مع أنه انفصل عن الخطاة اثناء أيام حياته على الأرض، إلا أنه لم يفترق عنهم عند الموت. على أنه تعيّن له أن يشترك مع الأشرار في موتهم كأنه قد اشترك معهم في خطاياهم. لأنه صار خطيئة لأجلنا اتخذ لنفسه شبه جسد الخطيئة. لقد أحصى مع أثمة عند موته، وكان نصيبه مع الأشرار لكي نحصى نحن مع القديسين عند موتنا، ولكي يكون نصيبنا مع المختارين.
وكان عاراً أشد أن يصلب في وسطهما، كأنه أشر الثلاثة، عامل الشر الأصلي. لأن من توسّط ثلاثة صار هو الرئيس بينهم. لقد دبرت كل الظروف لتحقره كأن المخلص العظيم أشر من أشر الخطاة.
لقد صلب بعض رسل المسيح فيما بعد مثل بطرس وأندراوس، لكن لم يصلب أي واحد منهم معه، لئلاَّ يظن أنهم اشتركوا معه في إتمام التكفير عن خطيئة الإنسان، وفي شراء الحياة والمجد للبشرية. ولذلك صلب بين لصين لا يمكن أن يظن أنهما قد اشتركا معه في إتمام بركات الصليب، لأنه هو نفسه حمل خطايانا في جسده.
إن محبة الله هي التي دفعت يسوع إلى الصليب. هو ليس أنانياً، ولا يفكر في نفسه، إنما يفكر بالمساكين الضالين. ليس نزوله من السماء وعيشه بين البشر وعجائبه الرحيمة إلا محبة وخدمة وإنكاراً للنفس. فالشيطان طعن في جوهر المسيح، إذ أرشد الملبوسين ليقولوا: «خلَّص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلّصها». كان المسيح قادراً على تخليص نفسه، لكن حباً لنا وافق على صلبه، وأحب المستهزئين به وغفر خطاياهم، فمن يدّعي أن يسوع نزل عن الصليب يكون قد انفتح لوحي شرير، لأن لا خلاص إلا بالمصلوب. فما هو موقفك من الصلب؟

الصَّلَاة
أيها الآب السماوي، نتهلل ونفرح لأن ابنك الوحيد هو المحبّة. لم يوافق على التجربة أو الأنانية أو الحقد على المستهزئين، بل فدانا بمواظبة محبّته على الصليب. اغفر لنا ذنوبنا واملأنا بمعرفة محبّتك لنتمسك بنعمتك ونتغيّر إلى صورة ابنك، ونحب كل المجرمين، ونمجّد اسمك القدوس والمسيح فادينا الوحيد بحياة الخدمة والصبر والشكر.
السُّؤَال
ماهي معاني استهزاء اليهود بيسوع؟