Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
3:3فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً (4) وَيُوحَنَّا هذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَاداً وَعَسَلاً بَرِّيّاً. (5) حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأرْدُنّ، (6) وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأرْدُنِ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ. (إشعياء40:3؛ يوحنا1:23)


يُشْبه يوحنا ساعياً يركض في قريته المنعزلة ينادي كل الناس: «الملك سيأتي ويزور قريتنا. نظفوا الطريق وجهزوا البيوت. وألبسوا اللباس الرسمي». وعندما اجتمع شيوخ القرية، فكروا بأن الطريق الممتدّة من عاصمة الملك إليهم مخربة وغير صالحة. فطلبوا من المنادي أن يعود إلى ملكه ويلتمس منه أن يرسل عُمَّالاً ليرفعوا الصخور المانعة لمجيئه، ويُعِدّوا الطريق لاستقباله. ومعنى ذلك، أنهم يطلبون من الملك أن يعدّ هو الطريق إليهم، لأنهم لا يستطيعون شيئاً.
اعترف يوحنا في إنجيله ( يو1: 23) "أنا صوت صارخ في البرية" . "أنا صوت" أنا مجرد صوت وكفى. الله هو المتكلم، وهو يعبر عن رأيه بيوحنا كما يعبر الإنسان عن رأيه بصوته. وكلمة الله يجب قبولها على هذا الإعتبار ( 1تس2: 13 ). قيل عن يوحنا بأنه "صوت" صوت شخص صارخ، صوت عال مزعج ومنبه يدعو إلى اليقظة. وقيل عن المسيح بأنه "الكلمة" والكلمة لأنها واضحة ومفصلة أكثر من مجرد الصوت فإنها أكثر تعليماً وبنياناً. فيوحنا "كصوت" حرك البشر ونبههم، ثم أتى المسيح "الكلمة" فعلمهم.
كما أن أم شمشون حرم عليها شرب "شراب قوي" ومع ذلك فقد رتبت عناية الله أن يكون شمشون "رجلا قويا" هكذا صار يوحنا "صوت صارخ" إذ ولد "صوت صارخ" من أب أبكم، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن "فضل القوة لله وليس للإنسان".
بطريقة روحية أعلى، نادى يوحنا كل الناس، ألاَّ يغرقوا في هموم الحياة وأشغالها، بل يفكروا بالرب، ويبعدوا كل الخطايا من طريقه، مقوّمين طريقهم في المجتمع، ليصلهم مجد الله.
لم يكن كلام يوحنا مجرد كلمات وعبارات رنانة، بل عاش طبق ما قاله وأمر به، فلباسه كان كباقي الأنبياء. لقد عاش في البراري، منفصلاً عن الشعب للشهادة ضد سوء حالتهم وأكل الجراد، الذي هو كل ما طالته يده في البرية، وسمحت بأكله الشريعة الموسوية ( لا 11: 22). وكسكان البادية لبس الوبر الخشن كالسكاكين لا الثياب الناعمة كما في بيوت الملك. فيوحنا المعمدان خلع كل الملابس المريحة، وامتنع عن الغذاء الدسم، ليبرهن على أن الأكل والشرب والرفاهية غير مهمة، إنما المهم هو علاقتنا بالله. فكيف علاقتك مع ربك؟ ما هي الخطايا المانعة من استجابته لك؟ أتذكر الأكاذيب البيضاء، ونقمتك على خصومك، ونجاساتك؟ فخطاياك هي التي تفصلك عن ربك. وشهاداتك المدرسية وصِيتك الجميل لن يخلّصاك من الدينونة. كيف حالة ضميرك؟ أعطِ حساباً لخالقك.
هزَّت كلمات المعمدان أهل اليهودية، فتراكضوا إليه ليروه ويسمعوه. هناك ركع التائبون واحنوا رؤوسهم واعتمدوا على يديه في المياه، وخجلوا من خطاياهم، واعترفوا بأفعالهم السيئة جهراً، طالبين من الله الغفران والتطهير. هكذا ماتوا لكبريائهم، ولم يفكروا بعد ذلك أنهم صالحون أتقياء، بل اعتبروا أنفسهم خطاة مستحقين الدينونة، طالبين من الله النعمة والرحمة. لقد اختبروا أن الشريعة لم تبررهم، لأن ضمائرهم شهدت ضدهم.
كان طعام يوحنا مكوناً من العسل والجراد، والذي كان يتفق مع التعليم الذي نادى به عن "التوبة" و "الأثمار التي تليق بالتوبة". فالذين يحصرون مهمتهم في دعوة الآخرين للحزن من أجل الخطيئة ولإماتة الخطيئة، يجب أن يحيوا هم أنفسهم حياة إنكار الذات والموت عن الخطيئة واحتقار العالم.
قام يوحنا المعمدان وخرج من المنطقة التي كان فيها إلى المناطق الأخرى المجاورة لأورشليم. فالذين يريدون الإنتفاع بخدمة يوحنا يجب أن "يخرجوا" إليه في البرية ويشتركوا معه.
إن الذين يرغبون رغبة صادقة في طعام الكلمة أن يبحثوا عنه إذا لم يصل إليهم. وعل الذين يريدون أن يتعلموا تعليم التوبة أن "يخرجوا " من وسط مشاغل العالم إلى الهدوء الشامل.
أخي العزيز، افحص ضميرك باستقامة واكشف اقوالك وأفكارك وأعمالك. تعال إلى ربك واعترف قدامه بكل ذنب اقترفته. اعلم أنك غير صالح بل خاطئ ونجس امام قداسة الله وطهارته. انكر نفسك وانس أنانيتك والتمس من ربك الرحمة والعناية. فأنت لا تستطيع إرضاءه إذا كنت لا تعترف بخطاياك. ولن يعرف ضميرك الراحة والإطمئنان مادمت صامتا عن ذنوبك. افتح قلبك لله، هو أمين وعادل وغافر لكل إثم. لا تتأخر بل اسرع واطرح نفسك في نهر محبة الله لكي يخلصك المسيح فتكون إنساناً جديداً بالإيمان ومقبولا عند الله والناس.

الصَّلَاة
ربي إلهي، أنت أعلم بماضيَّ أني أنا الخاطئ أستحق دينونتك. اغفر لي خطاياي، حسب رحمتك الكثيرة. لا تطرحني من قدام وجهك، وروحك القدوس لا تنـزعه منِّي.
السُّؤَال
ما هي مبادئ كرازة وحياة المعمدان؟