Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
3:7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ (8) فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. (9) وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَباً. لأنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاداً لإبْراهِيمَ. (يو8:33-39؛ رومية2:28-29؛ رومية4:12)


في زمن يوحنا المعمدان كانت فرقة الفريسيين تضم حوالي ستة آلاف شخص . واعتبروا أنفسهم منفصلين عن الشعب ومجهَّزين لله، لأنهم لم يتنجسوا كسائر الشعب المحتقر، بل حفظوا كل وصايا التوراة بدقة بالغة، وارتبطوا بأقوال الآباء وأحكامهم. أرادوا أن يدبروا وينظموا أوضاع الحياة بقوانين دقيقة جداً. وفي زمن يسوع بلغت الواجبات التي قرروها 248 واجباً، والممنوعات 365 ممنوعاً. فاهتموا ألاَّ يتجاوزوا واحداً منها، لكي يأتي ملكوت المسيح سريعاً. اعتقدوا أن الإنسان يقدر أن يخلّص نفسه بحفظ الشريعة. ولم يفهموا أن الشريعة لا تهب الإنسان قوة المحبة، بل تدين أنانيته وتكشف خطاياه كمرآة.
حسب الصدوقيون أنفسهم صديقين أبراراً. وكانوا فريقاً من نخبة الكهنوت ووجهاء الشعب. لقد انفتحوا للحياة الحديثة والأفكار اليونانية والرومانية، وحاولوا ربط هذه الأفكار بالتوراة، وأنكروا وجود الملائكة. لم يؤمنوا بخلود النفس ولا بقيامة الأموات، واعتبروا الدينونة خيالاً، وشكّوا بتدخل الله في تاريخ البشر. نتيجة لذلك عاش بعضهم بشعار: لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت. أما الهيكل مع قرابينه فيبقى محور اعتقادهم للمصالحة مع الله. أنكروا ما عمل الفريسيون ووافقوا على ما أنكروه، وكان لهم أتباع كثيرون. كما أن كل الكهنة واللاويين خضعوا لهم في وظائفهم. وهم تعاملوا بقدر الإمكان مع الرومان، ليحافظوا على إمارتهم اليهودية التي حول الهيكل.
سمَّى المعمدان، بجرأة كبيرة، المتدينين «أولاد الأفاعي»! كان كل يهودي يعلم أن الكتاب المقدس يسمّي الشيطان الحية، وسماهم «أولاد الأفاعي» بسبب شرهم، وتعاليمهم السامة، وتحايلهم على الهرب من الغضب الآتي بقبولهم معموديته بغير توبة. وسألهم من أراهم أن يهربوا من الغضب الآتي، وهو الغضب الذي كانوا يعلمون من التوراة أنه يأتي على الأشرار عند ظهور المسيح. فأدان يوحنا بكلماته القوية البر الذاتي المتمثل في حفظ الشريعة حرفيا، كما طعن الحياة المتحررة من الشريعة باعتبارها خطيئةً، واعترف بغضب الله على كل رياء وخداع للنفس بحفظ الطقوس. وشهد بالدينونة على كل من يعيشون بدون الله والضمير. فليس إنسانٌ صالحاً أمام الله. «الكل زاغوا معاً وفسدوا، ليس من يعمل صلاحاً. ليس ولا واحد»( رومية 3: 12 ).
رأى أنه يكفي أن يقول للآخرين "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" لكنه لما رأى هؤلاءالفريسيين والصدوقيين يأتون إليه وجد نفسه مضطرا أن يكون صريحاً معهم وأن يعاملهم بتفصيل أوفى.
بدأ بقسوة، لم يَدعهم "ربي" ( معلمي) لم يُنادهم بألقابهم التي تعودوا سماعها، ولم يكل لهم كلمات المدح والإطراء كما تعودوا أن ييسمعوا. لقد لقبهم "أولاد الأفاعي" اللقب نفسه الذي أعطاهم المسيح ( 12: 34؛ 23: 33). لقد كانوا كالأفاعي، رغم أنهم كانت لهم صورة التقوى والمظهر الخلاب، إلا أنهم كانوا مملوئين سما، مشحونين خبثا وعداوة لكل ما هو حسن.
فما هي ثمار التوبة، إذ أن الإنسان قد فسد حتى في نواياه، ولا يستطيع عملاً صالحاً؟ لأن الثمار المطلوبة هي:

إن الذين يقولون أنهم حزنوا من أجل خطاياهم ومع ذلك يصرون عليها، لا يستحقون أن يسموا تائبين ولا يستحقون امتيازات التائبين. على الذين يتوبون أن يعيشوا ويتصرفوا كما يليق بالتائبين، وأن لا يفعلوا أي شيء لا يليق بالخطاة التائبين. يليق بالتائبين أن يكونوا ودعاء ومتواضعين في أعين أنفسهم، شاكرين لأقل رحمة، صابرين في أعظم المحن والتجارب، متيقظين لكل مظاهر الخطيئة، مكثرين في عمل الخير، مترفقين في دينونة الآخرين.
فكَّر اليهود أن إبراهيم هو أبوهم، وأن الانتماء له يكفل لهم مواعيد الله وعهوده معهم، وأنه لا يندم على ما وعد به. لكن يوحنا كسر هذا الاعتقاد الخاطئ عن الله، وسمى آل إبراهيم أولاد الشيطان. أكثر من هذا، فانه أشار إلى الحجارة الكثيرة في البرية من حوله، وقال: إن لم تنكسر قلوبكم المتحجرة، وطلبتم من الله قلوباً جديدة روحية حنونة، فان الخالق يستطيع أن يخلق من هذه الحجارة أولاداً لنفسه، ليحقق وعده لإبراهيم.
إن هذه العبارة " أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم " تخصنا في محيطنا اليوم، لأن قلوب الكثيرين متحجرة، وشعورهم الباطني لا يشعر بصوت الله، بسبب التعاليم المضادة للمسيح منذ مئات السنين. اما نحن فنؤمن ونعترف مع يوحنا المعمدان بفرح وبأن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم.
إنه وهم باطل أن نظن بأن علاقاتنا الحسنة تخلصنا حتى وإن كنا نحن أنفسنا غير صالحين. وإن كنا نعتز بالسلف الصالح والجدود الأتقياء، وقد نلنا نصيباً وافراً من التربية الدينية، ونشأنا في عائلات تتقي الله وتخشاه، ولنا الأصدقاء الأتقياء ينصحوننا ويصلون من أجلنا، فماذا ينفعنا كل هذا إن كنا لا نتوب ونعيش حياة التوبة.
وأنت يا أخي، هل تؤمن معنا وتعترف بقدرة الرب المخلِّصة؟

الصَّلَاة
أيها الله القدوس، أنت غاضب على كل خطيئة وظلم ونجاسة، وترفض كل رياء وخداع للنفس. ساعدني ألاَّ أكون فريسياً ولا صدوقياً، بل أنكسر أمامك وأعترف بخطاياي. واطلب منك دائماً الرحمة لتنشئ قوتك في ضعفي ثمار روحك الطاهر. أنت قاضيَّ ومخلّصي، فلا تتركني.
السُّؤَال
من هم الفريسيون، ومن هم الصدوقيون؟