Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
الوداعة تغلب الانتقام
(5: 38- 42)
5:38سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. (39) وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَّوِلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. (خر21:24، يو18:22-23، رو12:19-21)


وضع هذا التشريع لإرشاد القضاة في الأمة اليهودية إلى القصاص الذي يوقع في حالة تشويه أي عضو، وذلك لإرهاب الذين يفكرون في إيقاع أي أذى بالآخرين. من ناحيّة أخرى يكبح جماح الذين قد يساء إليهم لكي لا يفكروا في إيقاع أذى أشد بمن أساء إليهم. لم يقل التشريع "حياة بعين" أو "عضو بسن" لكن لا حظ التناسب "عين بعين" . . . والمفهوم ضمنا ( عدد35: 31) أن الخسارة في هذه الحالة كان يمكن تعويضها بالمال. لأنه إذا كان المشرع قد قال في الآية المشار إليها "لا تأخذوا فدية عن نفس القاتل المذنب للموت بل إنه يقتل" فالمفروض أن العاهات كان يمكن أن تفدى بتعويضات مالية.
أعلن المسيح جوهر الحق أنه محبة، لأنه هو في ذاته الحق المتجسد. كانت اليهودية لا تمنع أن ينتقم إنسان لنفسه، أما في العهد الجديد فالإنتقام خطيئة، لأن المسيح شرَّع شريعة المحبة التي تعطينا قوة الرحمة، وقوة التواضع، لنتنازل عن حقوقنا طوعاً.
يمنعنا الروح القدس يمنعنا من تنفيذ أفكارنا وأهدافنا البشرية بالعنف، إذ لا يسمح أن نحقق أمنياتنا باستخدام طرق ملتوية ماكرة، فالله محبة وهو لا يقبل عصياناً، وروحه بعيد عن فكر الانتقام، وهو ينبوع الصبر والاحتمال. لذلك ننتظر تدبير الله ونستسلم لهداه. ربما تساءلت، أليس هذا الموقف ضعفاً وفشلاً لإرادة الإنسان، ودَوْساً لحقوقه، مما يفتح الباب للشر أن يزداد؟
كلا! فالوديع هو الأقوى، إذا تغلّب على ذاته. أما المنتقم فهو الضعيف، لأنه سمح بدخول البغضة إلى قلبه. من يجازي عمل الشر بشر مثله، هو شرير مثل خصمه. أما من قابل الظلم بمحبة، فهو المنتصر على أنانيته. إن الحروب والخصومات لا تبني مجتمعنا بل تخربه وتسممه. لكن المحبة والثقة والتواضع والتنازل والصبر، كل هذه تفتح لنا باب الرجاء.
لا ينتظر المسيح منا دائماً تطبيقاً حرفياً لقوله: «من لطمك على خدك الأيمن، فحوِّل له الآخر أيضاً» لأنه عندما ضُرب أثناء المحاكمة أمام الرئيس حنان، لم يطلب من الخادم أن يضربه ثانية (يوحنا 18: 22 وأعمال 23: 2). فالمسيح يوضح لنا أن حساسيتنا ينبغي أن تنسحق، إذا أردنا الدخول إلى ملكوت السموات. فتنازل عن حقوقك، ولا تدافع عن نفسك كثيراً. سلّم أمرك للرب، فيستلم هو المسؤولية عنك. والروح القدس يغلب نفسك الهائجة الثائرة. إن ضربك أحد فعلاً، ففكر: حقاً إنني أستحق الضرب لأجل آثامي المتعددة، التي عملتها في الماضي. الحمد لله قد حمل المسيح الوديع ضرباتي الأليمة عوضاً عنِّي على الصليب.

الصَّلَاة
أيها الآب السماوي، أنت الحق المبني على المحبة، قررت أن تقاصص كل خطيئة وخاطئ، لكنك احببتنا فوضعت كل خطايانا على ابنك ليتألم نيابة عنا. حررتنا وسامحتنا لأن ابنك دفع ومات عوضا عن الجميع، فيجب علينا أن نسامح خصومنا بشكل مطلق، لأن المسيح حمل خطاياهم وقصاصهم أيضاً. ساعدنا على المغفرة المطلقة، لكي لا نحقد على من يسيء إلينا.
السُّؤَال
كيف حررنا المسيح من حق الإنتقام والقصاص؟.