Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
2. معجزات المسيح في كفرناحوم ومحيطها
( 8: 1- 9: 35)

شفاء الأبرص
(8: 1-4)
8:1وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. (2) وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي (3) فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: أُرِيدُ فَاطْهُرْ وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. (4) فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأََحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ. (مر1:40-44، لو5:12-14)


دونت هذه المعجزة في مقدمة معجزات المسيح، لأن البرص كان ينظر إليه بين اليهود كعلامة خاصة على غضب الله. لهذا نرى أن مريم أخت موسى وجيحزى وعزيا قد أصيب كل منهم بالبرص بسبب خطايا معينة. ولكي يبين المسيح أنه جاء لكي يرفع غضب الله برفع الخطيئة بدأ بشفاء أبرص.
كان معروفاً بين اليهود أن هذا المرض يأتي من يد الله مباشرة فكان مفرضاً بأن الشفاء منه يأتي من يد الله أيضاً، لذلك لم تكن تبذل أية محاولة لعلاجه على يد الأطباء، بل كان يوضع الأبرص تحت مراقبة الكهنة، خدام الرب، الذين كانوا ينتظرون حتى يروا ما يفعله الله. وكانت إصابة الثوب أو الحائط بالبرص (لا 13: 14) أمراً خارقاً للطبيعة. اشمأزّ أتباع يسوع من الأبرص الذي جاء للمسيح، وتعجّبوا كيف سمح له المسيح بالاقتراب ولم يطرده، وكيف أن المسيح تجاوز أحكام وتقاليد أمتهم ليخلّص هذا المسكين المحتقر المطرود. برهن المسيح بشفاء برص كثيرين أنه هو الله، كما فوَّض تلاميذه أن يفعلوا ذلك باسمه أيضاً (10: 8) وقد كان هذا ضمن الأدلة التي قامت على أنه هو المسيا.
أما الأبرص، الذي كان منبوذا، فآمن من كل قلبه بقدرة المسيح، لأنه سمع عن أعماله العجيبة، ووثق بألوهيته. وسجد له أمام الكل وناداه: «يارب». تمتم المسكين في سجوده طالباً الشفاء، فاتحاً نفسه وقلبه لجود المسيح، مؤمناً بقدرته المطلقة، وأضاف قائلا "إن أردت تقدر أن تشفيني".
تجاوب المسيح في الحال مع هذا التكريس الكلي له، لم يخش العدوى، بل لمس الجلد المصاب، رغم امتعاض الجماهير الذين تراجعوا عنه فزعاً وخوفاً. أثبت المسيح بهذه اللَّمسة للأبرص قوله الإلهي العظيم: «أريد، فاطهر» لمّا طهره وشفاه، لم يقل كما قال أليشع لنعمان "إذهب واغتسل في الأردن"، ولم يضع عليه عبئاً ثقيلاً بوصفة طبية صعبة وطويلة الأمد، بل نطق بكلمته القوية ذات السلطة المطلقة وشفاه في الحال.
بهذه العبارة الموجزة نرى إعلان مشيئة الله الجوهرية الفعالة، لأنه خلقنا ويرشدنا ويشفينا ويخلّصنا ويقدّسنا ويكمّلنا. فالله عامل وعازم على تطهيرنا من الفساد وعنده قوة لخلاصنا. لا تنس أبداً أن المسيح استجاب لصلاة الأبرص بكلمة واضحة: «أريد، فاطهر». وبقوة الرب الفائقة تقلص البرص عن الرجل مباشرة، وتجدد جلده المصاب ونمت الأعصاب التي كانت جامدة وميتة في جسده.
تعجبت الجماهير من قدرة يسوع ومن عظمة محبته المقتدرة، واختبرت حضور القوة الإلهية، ورأت في المعجزة بينة على ألوهية الطبيب الأعظم. فهكذا يلمسك ويمسحك، ويمسك بيدك ويعضدك لتشعر أن الرب يحبك، ويريد من كل قلبه أن يعينك ويطهرك بمحبته.
أرسل المخلّص المَشْفِي إلى الكهنة ليثبتوا هم رسمياً انتصار الله على هذا المرض المخيف، ويؤمنوا بيسوع، ويشهدوا لقدرته الفائقة على قهر الخطيئة ونتائجها. لم ينقُض المسيح الشريعة ووصاياها، بل أكملها في محبته.

الصَّلَاة
أيها الأب نشكرك لأن مشيئتك تبغي خلاصنا وتطهيرنا في كل حين. أنت تريد أن نطهر فنسجد لك لإعلان محبتك في يسوع. علمنا جرأة الإيمان والثقة الأكيدة لنتقدَّم إليه ونسلمه مشاكلنا وآثامنا وأمراضنا لأجل فدائنا، فنتطهر لأنك تريدنا أن نطهر ونخلص.
السُّؤَال
لِم أبرز متى شفاء الأبرص كأول معجزة عملها المسيح؟