Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
سؤال تلاميذ المعمدان عن الصوم
( 9: 14- 17)
9:14حِينَئِذٍ أَتَى إِلَيْهِ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا قَائِلِينَ: لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ كَثِيراً، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟ (15) فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَنُوحُوا مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ. (مر2:18-22، لو5:33-38)


يرينا المسيح معنى التقوى الحقة والباطلة بجوابه على سؤال تلاميذ يوحنا المعمدان، الذي كان آنذاك سجيناً وفي وضعية مُزرية وجد حرجة. وقد علَّم ابن زكريا الشعب أن يندموا على عيوبهم، ويتوبوا ويصوموا، فظنّ اتباعه أن المسيح يعلّم تلاميذه أيضاً الانكسار والحزن ليرحمهم الله لأجل خوفهم وتوبتهم واجتهادهم في التقوى.
يظهر أن الصوم خاص بالأتقياء. إنه أفضل وسيلة في كل الأديان للحصول على غفران الخطايا وعلى بركة الله. ما أروع الغرور بالنفس، لكن النعمة لا تُنال بالأجرة بل هي هبة. والخطايا لا تزول بالصوم، كما أن خبثك لا يُمحى بالعطايا، إنما إيمانك بفداء المسيح هو الذي يخلّصك. عندئذ يصير صومك شكراً لا تجارة، وتبرعاتك حمداً لا شرطاً للغفران. لا تأتي النعمة والخلاص والغفران والفداء إلينا إلا بشخص يسوع المسيح، فهو حمل الله الوديع الذي رفع خطايانا ومحا ذنوبنا بصفة نهائية. يؤهلنا الإيمان للتقدم نحو الله ونثبت في شركته الممنوحة لنا في العهد الجديد، ويشمل عهد محبة الله الخطاة المتبررين، فهم على عهد محبة الله الذي يشمل كل الخطاة المتبررين. إنهم بنو العرس ورفقاء العريس يسوع ابن الله، الذي يدعونا إلى أعظم فرح في الشركة معه. لا يمكن أن يحزن المسيحيون، بل هم يطمئنون في الضيق، ويستمرون في تعزية الروح القدس، رغم مشاكلهم وتجاربهم، لأن الله معهم والمسيح فيهم. ومن أدرك هذا الامتياز يسبّح الله بكل جوارحه، ويقدم له حياته شكراً لنعمته العظيمة.
إن المتدينين الكاذبين، الذين ينحصر تدينهم في مجرد الفرائض الخارجية، كثيراً ما فاقوا غيرهم في هذه الفرائض، بل في تعذيب أنفسهم وإماتة أجسادهم.
كان تلاميذ يوحنا يصومون كثيراً، محاولين التمثل بمعلمهم الذي لا يأكل ولا يشرب. والناس ميالون للإقتداء بقادتهم، ولو لم يكن الباعث دائماً هو نفس باعث القادة الداخلي. كان السبب الآخر امتثالا لتعاليم معلمهم عن التوبة.
وبخ تلاميذ يوحنا تلاميذ المسيح لعدم صومهم كثيراً مثلهم "وأما تلاميذك فلا يصومون". إنهم عرفوا أن المسيح علم تلاميذه أن يكون صومهم في الخفاء، وأن يحرصوا على أن لا يظهروا صائمين امام الناس. لذلك لم يكن عدلاً أن يستنتجوا بانهم لا يصومون لعدم إعلانهم عن صومهم. هذا يقودنا أن لا نحكم على تقوى أي شخص بما يقع تحت حس العالم ومرآه.
من عادة المتدينين الكاذبين أن يجعلوا أنفسهم مقياساً في التدين، يقيسون به الأشخاص، كأن الذين يختلفون عنهم غارقون في الشر، وكأن كل الذين أتوا أعمالاً أقل منهم قد فعلوا أقل من اللاّزم، والذين أتوا أعمالاً أكثر قد فعلوا أكثر من اللازم. وهذا دليل واضح على أنهم ينقصهم التواضع والمحبة.
نلاحظ أن الإعتراض على المسيح (الآية 11) قدم للتلاميذ، والإعتراض على التلاميذ قدم للمسيح (الآية 14). وهذه هي الطريقة لبذر بذور الشقاق والإنقسام، وقتل المحبة، ألا وهي إثارة الشعب ضد الخدام، والخدام ضد الشعب، والصديق ضد صديقه.
بنفس الوقت يدعوك المسيح لأن تكون وكيلا عنه لكسب العروس له. من يتشجع ويتقدم نحو شعوبنا ويدعو الكثيرين ليدخلوا إلى شركة المسيح؟ هل يدفعك فرح مخلصك في حياتك للخدمة والتبشير والكد والإجتهاد والعمل الدؤوب؟ او تكون مقطباً كأنك شارب خلاً مرّاً ولا تقوم بهذا العمل من صميم قلبك، بل لتتفاخر به قدام أقرانك أو لغاية في نفس يعقوب؟ اعلم يا أخي، أن كل عمل ليس نابعاً من صميم قلبك ولا يمجد المسيح وحده يعرِّضك للحذر من يوم الدينونة. ماذا ستقول للرب عندما تقف أمامه لتأدية الحساب عن الوزنات التي أتمنك عليها؟
أنبأ يسوع تلاميذه أنه سيفارقهم صاعداً إلى السماء، وشعر بالخوف الذي سيحل بهم نتيجة مفارقته لهم. في ذلك الوقت سيصومون ويصلون وينوحون طالبين رجوعه ثانية في أقصى سرعة. أما نحن فما زلنا نعيش في عصر الشركة القريبة مع المسيح، لأنه سكب روحه القُدّوس في قلوبنا، عربوناً للشركة الروحية بين العروس والعريس. ننتظر مجيء العريس علانية لتتحقق الشركة فعلياً في المجد.

الصَّلَاة
هللويا أيها الله القدوس، الآب، الإبن والروح القدس، الذي دعانا من حزن الخطيئة إلى فرح الشركة، وحررنا من ثقل الشريعة إلى عهده الجديد. نسجد لك ونحمد اسمك القدوس. ساعدنا حتى ننقل فرح روحك اللطيف إلى اصدقائنا وأعدائنا لتعم مسرتك على الأرض.
السُّؤَال
من هم بنو العرس؟