Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
دعوة خاصة لمتى العشَّار
(9: 9-13)
9:9وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ رَأَى إِنْسَاناً جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ: اتْبَعْنِي فَقَامَ وَتَبِعَهُ. (10) وَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْبَيْتِ، إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلامِيذِهِ. (11) فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟ (12) فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: لاَ يَحْتَاجُ الأََصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. (13) فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ. (هوشع6:6، متى10:3، مر2:13-17، لو5:27-32)


يشهد البشير متى عن الساعة الفاصلة في حياته، التي دوَّنها في إنجيله المبني على الغفران، بعد شفاء المفلوج، ليُظهر أنه أقل من ذلك الخاطئ المريض. كان العشارون يومذاك رمزاً للغش والطمع والظلم، عملاء للسلطة الاستعمارية. لذلك حُسبوا مع الزناة واللصوص والقتلة، ملعونين من الشريعة. وإذ دعا يسوع متى العشار لاتِّباعه غيَّر حياته كلياً، وجعل منه رسوله المحترم في السماء وعلى الأرض. فيظهر بهذا أن ليسوع الإرادة والإمكانية، ليطهّر أردأ الخطاة. فمحبته تشملك أيضاً في ارتباطك بالخطيئة وتحررك منها حقاً.
لا يتبين هنا أن متى بحث عن المسيح، أو أنه كان له ميل لاتباعه، رغم أن بعض أقربائه قد تتلمذوا للمسيح من قبل. على أن المسيح قد سبق فأغدق عليه من بركات صلاحه. تكلم المسيح أولاً داعياً متى وقائلاً له "اتبعني" ونحن أيضاً لم نختره، بل هو الذي اختارنا. إنه قال له "اتبعني" ونفس القوة الإلهية المقتدرة التي رافقت الكلمة "قم واذهب إلى بيتك" لشفاء المفلوج، رافقت هذه الكلمة لتجديد حياة متى.
إن التجديد يحصل في النفس بواسطة المسيح. أما كلمته فهي الواسطة، وإنجيله هو "قوة الله للخلاص".
«اتبعني!» هذه الكلمة المفردة كانت سهم المسيح الذي أصاب قلب متى واخترقه. كان اسمه قبل ذلك «لاوي» فصار «متى» أي «عطية الله». كلمة خالقه من فم المسيح هي أكثر قدرة من ألف كتاب بشري فارغ. من هذه الكلمة الفريدة تطور إنجيل متى بأكمله، لأن العشار كان معتاداً على تسجيل الحقائق بكل دقة. هو الوحيد بين التلاميذ الذي أتقن عدة لغات، فخدم يسوع بمواهب مهنته. لم يظهر اسمه في إنجيله إلا في هذا الموضع. لكنه أبرز عدة مرات اسم المسيح وأعماله وكلماته القوية.
ولشدة فرحه بدعوة المسيح له أعدَّ متى وليمة عظيمة، ودعا كل الجياع للبر أن يحضروها. فجاء اللصوص والغشاشون والزناة والغوغائيون، ورأوا المسيح من قريب نوراً للعالم، وسمعوا كلماته الحنونة، وقبلوا تعزيته المنجّية. فمنذ لحظة اتِّباعه ليسوع، ظهر متى مبشراً ورسولاً.
أما الأتقياء والمتعلمون والمتكلمون عن برّهم الذاتي، لم يدركوا رأفة المسيح إذ باتت قلوبهم قاسية، فخدعوا أنفسهم ظانين أنهم أصحاء في الدين، وأصحاب الوحي في العهد مع الله. وفي الحقيقة كانوا هم المرضى. والمرضى الخطاة هم الأصحاء إذا تابوا وجاءوا إلى المسيح. فالمكتفي بنفسه ينهار إلى جهنم. كيف هي حالتك؟ أصالح انت أم شرير؟
كانت دعوة المسيح لمتى فعالة لأنه أطاعها "فقام وتبعه" في الحال. لم يرفض الدعوة، ولم يُرجئ الطاعة. إن قوة النعمة الإلهية تبعث الطاعة السريعة، وتتغلب على كل الصعوبات. حينما دعاه المسيح لم تعقه وظيفته، ولا أرباحها. لم يستشر لحماً ودماً، بل ترك وظيفته، وأطاح بكل آماله في الثراء عن طريقها. رغم أننا نجد التلاميذ الذين كانوا صيادين من قبل يعودون لصيد السمك أحياناً، فإننا لا نجد متى في مكان الجباية قط.
بعدما قبل متى دعوة المسيح له واتباعه إياه، دعاه إلى بيته برفقة عشارين وخطاة كثيرين. كان أهم ما قصده متى بتصرفه هذا أن يتعرف أصدقاؤه القدماء على المسيح. كان يعرف بالإختبار مقدار التجارب التي يتعرضون لها، فرثى لحالهم، وعرف بالإختبار ما تستطيع نعمة المسيح أن تفعله، ولم يشأ أن يقطع الأمل من جهتهم.
إن الذين أتوا فعلاً إلى المسيح لا يمكن إلا أن يرغبوا في أن يأتي إليه الآخرون، ويطمعوا في بذل بعض الجهد نحو هذه الغاية. والنعمة الحقيقية لا تقنع بأن تتناول طعامها وحدها، بل تدعو الآخرين أيضاً.
اشمأز الفريسيون من المسيح ومن مخالطته للعشارين والخطاة. فقد كان الإختلاط بالأشرار يتنافى مع شريعة الله "مز119: 115)، ولعلهم باتهام المسيح بهذه التهمة أمام تلاميذه قصدوا أن يشككوهم في معلمهم، ويجعلوهم ناقمين عليه، ويستميلوهم إلى أنفسهم، ليكونوا تلاميذاً لهم، لأن الملتفين حولهم من أفضل، ولأنهم كانوا "يطوفون البحر والبر ليكسبوا دخيلاً واحداً".
جاء يسوع بأعظم انقلاب في تفكير الأديان، لأنه سمَّى الأتقياء الراسخين في التديُّن هالكين مرضى. وأما الخطاة النادمين فأبرار. كل من يظن أنه مستقيم ومقبول عند الله والناس هو أكبر أثيم، لكن من يخجل لشره معترفاً بعيوبه، يُرضي الله ويكون مقبولاً عنده بعد أن يسمع دعوة المسيح له "اتبعني".
قال المعترض، ورد في (متى9:9) أن الذي دعاه المسيح عند مكان الجباية هو متى، وورد في (مرقس2: 14) أن إسمه لاوي بن حلفي، وورد في (لوقا5: 27) أن إسمه لاوي.
1. إن القرائن المعينة التي ذكرها كل منهم تدل على أن الشخص المدعو لاتباع المسيح واحد. فكل منهم ذكر وظيفته المشهور بها، وقال أنه كان جالساً عند مكان الجباية، وأن المسيح دعاه ليتبعه.
2. كثيراً ما يسمى الشخص باسمين، فبطرس يسمى سمعان ويُسمى صفا. والمعهود بيننا لغاية الآن أنه إذا انتقل الإنسان من حالة إلى أخرى (من دين إلى آخر) يغير إسمه إشارة إلى رفض الحالة السابقة.
3. اقتصار بعض الحواريين على ذكر اسمه بدون ذكر إسم أبيه، اكتفاء بالقرينة المعينة للمراد، وهو ذكر صناعته وظروفه الخصوصية، وهي قوله أنه كان جالساً عند الجباية.

الصَّلَاة
أيها الأب السماوي، انا من الأشرار وذنوبي معروفة عندك. أشكرك لدعوة ابنك إياي فلا ترفضني. طهرني من كل إثم وتكبر ومكر لكي لا أستمر في خطيئتي أو شبه الخطيئة، بل أصير ملتصقاً ومتحداً بيسوع ابنك خادماً لمحبتك في كل حين.
السُّؤَال
ماذا تعني دعوة المسيح لمتى ؟