Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
1- ظهورُ ابن الإنسان كرئيس الكَهنة وديّان العالم
(رؤيا يوحنا 1: 10- 16)

دَعوةُ يوحَنا في يوم الرّب
10:1كُنْتُ فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ, وَسَمِعْتُ وَرَائِي صَوْتاً عَظِيماً كَصَوْتِ بُوقٍ11قَائِلاً, أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَالَّذِي تَرَاهُ اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا, إِلَى أَفَسُسَ, وَإِلَى سِمِيرْنَا, وَإِلَى بَرْغَامُسَ, وَإِلَى ثِيَاتِيرَا, وَإِلَى سَارْدِسَ, وَإِلَى فِيلاَدَلْفِيَا, وَإِلَى لاَوُدِكِيَّةَ.


زار ملاك الرب يوحنا في معتقله وسط وحدته و كآبته، وخاصة يوم الأحد، يوم الرّب الذي يجتمع فيه أعضاء كنائسه في مدنهم ليحتفلوا بقيامة يسوع المسيح (رؤيا 1: 1). ابتهج الرسول الشيخ واختبر من جديد ملء الرُّوْح القدُس ليستلم إعلانات تفوق إدراك البشر. لا يقدر اللحم والدّم أن يدركا الحقائق الروحية بدون الآب (متى 16: 17). أمّا الروح فهو الذي يفحص أعماق الله (1 كُورنْثوْس 2: 10). جهّز يسوع يوحنا لمستوى المنطق الروحي حتى استطاع الأخير أن يرى الأمور "بمنظور سماوي". لم يعانِِ يوحنا أثناء تلقيه الوحي أيّ عناء أو رعب أو غيبوبة، ولم يتصرّف كمصاب بالصّرع، ولم يبدُ كمجنون، بالرّغم من إيقاع الرؤى عن الويلات الرّعب في نفسه. لكنه نال وسط هذا الفزع تعزياتٍ كبرى في جوٍّ من القداسة العميقة. لم يفقد الناظر البصيرة في الهدف النهائي بالرغم من الإعلانات المرعبة.

لم تبدأ "رؤيا يوحنا" برؤية صورة مدهشة، بل بسماع صوت عظيم دوّى خلفه. ترجّل يوحنا فزعاً نحو هذا الصوت المثير خلفه، والذي دوّى ليعدّه للرؤى المقبلة. كان الصوت يشبه صوت بوق عظيم. ولكنّ الناظر لم يرَ جهاز بوق، بل سمع دويّاً مثل دويّ البوق. استخدم يوحنا في كتاب الرؤيا كلمة "كما" 70 مرّة، والعبارة "مثل" 45 مرّة. كانت أمثال هذه الكنايات ضرورية لأنّ حقائق العالم الروحي لا يمكن وصفها إلاّ بمصطلحات أرضيّة قريبة المعنى؛ فلا يقدر أحد أن يصف "الأبديّ" وصفاً دقيقاً، بَيْدَ أَنَّه مِن الجائز تفسيره بواسطة الإرشادات والمشابهات والأمثلة.

عرّف يسوع نفسه بكلمة "أنا هو". فاستخدم بهذه العبارة اسم الرّب في العهد القديم: "إني أنا هو"، أو "سأكون مَن أكون". لم يخشَ يسوع تسمية نفسه "الرّب" والتكلم إلى يوحنا بالتعابير نفسها التي عرّف الخالق نفسه بها (رؤيا 1: 8). استحقّ يسوع هذه التعابير لأنه إلهٌ مِن إلهٍ، ونور من نور، إله حقّ من إلهٍ حقّ، ذو جوهر واحد مع الآب. هو بهاء مجده ورسم جوهره. فقال: "الَّذِيْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ" (يوحنا 14: 9؛ كولوسي 2: 9؛).

تبعاً لهذه الإعلانات الإلهية، وضّح يسوع للناظر أنه هو الأول والآخر، البداية والنّهاية. خلق الله الكون بكلمته، وكان الكلمة قبل كل شيء، وفي الوقت نفسه بدايته، وتجسّد كلمة الله في المسيح يسوع. من يتعمّق في الإنجيل حسب البشير يوحنا يقترب من فهم حقيقة أنّ يسوع هو الأول وهو البداية (1 يوحنا 1: 1- 18).
يخبرنا يسوع أيضاً أنه سيأتي ليدين الأحياء والأموات، وسيسقط الأشرار الذين لا يؤمنون بألوهيته وبكفارته حتماً في الجحيم. أمّا أتباعه، وهم جسده الروحي، فيتجدّدون في الذي هو رأسهم. لا بقاء للمؤمن إلاّ في المسيح الذي هو حياتنا. معه وبه وفيه لنا الحياة الأبدية. مَن يثبت فيه يشترك في النهاية، لأنّ الابن سيسلم نفسه أخيراً مع كنيسته لله الآب، ليكون هو الكل في الكل (1 كُورنْثوْس 15: 28).

لم يقترح الرب على يوحنا أن يتأمّل على الطريقة الصّوفية في الرؤى، ولم يطلب منه أن يحسب أوقات انتظاره أو يحاول أن يستقصي معاني الرؤى منطقياً، بل أمره بالحريّ أن يدوّن كلّ ما يراه بالتفصيل كشاهد عيان. أجاد يوحنا الكتابة باليونانية، لذلك سجّل كلمات رؤاه وصوّرها بدقة وأمانة بوصفها إعلاناً من يسوع المسيح.
لم يؤلّف يوحنا كتاباً من تصميمه الخاص، بل إنّ الرب الحي التفت إلى كنائسه في آسيا الصّغرى ليملي على رسوله إرشاداته وأخباره ليحصلوا على خبر خطِّي منه.
يتردّد الأمر بالكتابة عدة مرَّات في سفر الرؤيا (رؤيا 2: 1 و 8 و 12؛ 3: 1 و 7 و 14؛ 10: 4؛ 14: 13؛ 19: 9؛ 21: 5). أبرز الرب النبوة مكتوبة لئلا تتدخل التخيلات أثناء نقل الرؤى شفهياً (رؤيا 1: 11؛ 22: 7 و 9 و 10 و 18 و 19). كان على يوحنا أن يكتب كتاباً واحداً فقط ولا ينسخ منه 7 نسخ أخرى. وأصبح كتابه مقياساً وتصحيحاً وخطاً رسميّاً للأنبياء الآخرين في الكنائس السبع. وكان القصد من وضعه هو التغلب على جوّ الزّوال بين المؤمنين، والإعلان، مِن خلال وصف الأوجاع الآتية، عن إرادة الرّب إنشاء خليقة جديدة في إتمام الخلاص.

كانت المدن السبع في مقاطعات ولاية أسيا الصغرى الرُّوْمَانية مراكز للإدارة الإقليمية ، ومراكز لعبادة القيصر أيضاً. وهنا نشأت الأزمات الدينية، واضطهادات الكنائس التي كان متوقّعاً نشوبها بين لحظة وأخرى. جرى ترتيب أسماء المدن تبعاً لنظام دوران عقرب الساعة، ابتداءً من أفسس شمالا إلى سميرنا (اليوم أزمير)، ثم إلى برغامس، وشرقاً إلى ثياتيرا، ثمّ إلى الجنوب الشرقي إلى ساردس، ومن ثمّ إلى فيلادلفيا، وأخيراً إلى لاودكية الواقعة بين هيرابوليس وكولوسي. ومن هناك يكون طريق العودة غرباً إلى أفسس. يبلغ محيط هذه المسافة نحو 400 كلم، ويتراوح قطر الدائرة بين 100 و 130 كلم.
كان بجوار المدن الإقليمية الرئيسية السبع مدن أخرى فيها كنائس لم تذكر في كتاب رؤيا يوحنا، وكانت لهذه الكنائس علاقة أخوية بالكنائس الرئيسية في المدن السبع. وبالرغم من أنّ يوحنا لم يذكر هذه الكنائس الصغيرة في كتابه إلاّ أنه شملها بعبارته "السّبع الكنائس".

الصَّلَاة
أيُّها الرَّبّ يسوع المسيح، نشكرك لأنّك التقيت شخصياً بيوحنَّا الموقوف، وما نسيته بل كلّمته، وأمرته أن يكتب كلّ ما يسمع وما يرى بدقّة، ليرسل الأخبار السماوية إلى كنائسه السبع في الأناضول، وإلى كلّ الكنائس في العالم. افتح آذاننا، لنسمع ما تقوله للكنائس، وامنح لنا القوّة لنفعل ما تأمرنا بفرح.
السُّؤَال
ما هي أسماء الكنائس السبع؟