Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
3: موضوع إعلان يسوع المسيح وهدفه
(رؤيا يوحنا 7:1)
1:7هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. نَعَمْ آمِينَ.

أراد يوحنا أن يبرز شعار كتابه وهدفه جلياً، ولذلك وضّح لكنائسه معنى تاريخ العالم وهدفه. لا تقدّم المسيحية نظرية جامدة ومنتهية بل مذهباً ديناميكياً متحركاً ومتجهاً نحو مستقبل بهيّ. والنقطة الفاصلة في انتظارنا هي مجيء يسوع المسيح الثاني في المجد.
تنبأ دانيال أنّ ابن الإنسان يقرَّب قدّام الآب الأبدي في سحب السّماء ليعطَى سلطاناً ومجداً وملكوتاً، لتتعبَّد له جميع الشعوب والأمم والألسنة (دانيال 7: 13- 14).
قبل يسوع هذه النبوة المشيرة إلى المستقبل مراراً على نفسه، فسمّى نفسه عادةً ابن الإنسان 124 مرّة، وشهد بذلك أنه سيعود بسلطان عظيم ومجد كثير. نقرأ أيضا أنه آتٍ على سحاب السماء (متى 24: 30- 31)، وأنه آتٍ في سحاب (مرقس 13: 24- 27)، وأنه آتٍ في سحابة (لوقا 21: 25- 28). وسمّى يوحنا هذا المجيء المجيد "علامة ابن الإنسان" تصديقاً وإثباتاً لألوهيته.
استخدم يسوع المسيح هذا الوعد في الدفاع عن الذات وللتعريف بنفسه، وأعلن لقضاته السّبعين: "مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ القوَّةِ, وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ" (متى 26: 64؛ مرقس 14: 62). وبهذا أقرّ المتهَم بألوهيته (مزمور 110: 1)، وأعلن المقيَّد لحكَّامه أنهم لا يقاضونه، بل هو سيدينهم بعد مجيئه الثاني كديان أبدي. ولكنهم لم يعبدوه، بل حكموا عليه بالإعدام قائلين إنَّه قد جدّف.
بعدما صعد يسوعُ إلى السماء في سحابة، وضّح الملاكان للتلاميذ الشاخصين إلى فوق قائلين: "إِنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقاً إِلَى السَّمَاءِ" (أعمال الرسل 1: 9- 11).
كتب بولس أنّ مجيء المسيح الثاني يبدأ بهتاف النصر مِن يسوع مع صوت رئيس الملائكة وصوت الأبواق المدوّي، ثمّ يقوم الأموات في المسيح أوّلاً وهو يخطف المؤمنين الأحياء (1 تَسَالُوْنِيْكِي 4: 13- 18). وشهد بولس بَعْدَئِذٍ أنّ الرّب يسوع يأتي مع ملائكة قوّته في لهيب نار معطياً النقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون إنجيله. ويتمجد الرّب في الوقت نفسه في قدّيسيه، ويتعجّب الهالكون من بهائه الظاهر في أتباعه (2 تَسَالُوْنِيْكِي 1: 7- 12: يوحنا 14: 3؛ يوحنا 17: 24).

أعلن يسوع: "كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ, هَكَذَا يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ" (متى 24: 27). وحينئذٍ تنوح جميع قبائل الأرض وترتعب عندما تبصر ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوّة ومجد كثير محاطاً بملائكته و قدّيسيه (متى 24: 30؛ 1 تَسَالُوْنِيْكِي 3: 13). سيرتاع الملحدون وأصحاب المذاهب الإنسانية، البوذيون وغيرهم مِن أتباع الدِّيانات الأُخرى، الأغنياء والفقراء،العلماء والأمّيون، الصغار والشيوخ، عندما يدركون حقيقة سلطان المسيح الآتي. عندئذ يعترف الجميع بالهتاف أو بالتمتمة أنّ "يسوع هو الرّب" (فِيْلِبِّيْ 2: 10- 11). وهنا يظهر استهزاء رافضي ألوهية المسيح الذي يشبه الخشبة المرميَّة التي ترتد إلى راميها فتضربه، في قولهم: "إنْ كان للرّحمن ولدٌ فنحن أوّلُ العابدين". في هذه الساعة لا حاجة إلى عظة أو إلى تفسير، لأنّ المصلوب المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ سيَظهر شخصياً للجميع، وسيتضح للجميع أنه ربّ المجد، فتندثر الفلسفات والمذاهب وأديان العالم وعبادة الشيطان كلُّها تلقائياً من حقيقة الرّب الآتي.

يعلن وعد نهاية الزمن عند زكريا (12: 9- 14) أنّ شعب العهد القديم سيتوب وينوح عند ظهور المسيح، لأنه سيعلم عندئذ كلمحة البرق أنه قد أخطأ هدف تاريخه ومعنى تعيينه. وتتعلق هذه التوبة بحلول الرُّوْح القدُس في آخر لحظة قبل مجيء المسيح. ويدفع هذا الروح شعب العهد القديم إلى الصراخ طلباً "للنعمة" نظراً لاقتراب ملك المجد البهي.
هل قصدَ يوحنا بهذه الآيات أن يواجه اليهود المتشددين في كنيسته بمجيء المسيح، فيقودهم إلى توبة حقيقية، ويحرّرهم من معارضة الإيمان بيسوع؟ سوف يفتح هذا الحدث العظيم والأهمّ في المستقبل أيضاً أعين القضاة السّبعين من المجلس الأعلى اليهودي الذين حكموا على ديّان العالم بالموت بجهلهم، فيعاينونه برعب آتياً في سحابة السماء.

يَصِف الكتاب المقدّس مراراً نواح وولولة غير المولودين ثانيةً عند مجيء يسوع المجيد ووصوله إلى الأرض الظالمة (متى 24: 30؛ يعقوب 5: 1؛ لوقا 6: 25؛ لوقا 23: 30؛ رؤيا 6: 15- 16).
وعندما سيسمع أحدهم أنّ ابن الله سيظهر للدّينونة ويطلب حساب حياته سوف يهرب ويختفي في مغارة.أمّا مَن لم يعترف بخطاياه أمام مخلصه، فسيقف بغتة مكشوفا عند مجيء المسيح. عندئذٍ سيظهر جلياً كلّ فكر وكلمة وعمل، وحتى ما لم يعمله الإنسان. وسيظهر كلّ عار نسيناه أمام ابن الله القدوس. وسيكون رعب الخطاة غير المؤمنين عظيماً لا يوصف، فيتمنّون الموت و لا يجدونه.

كتب يوحنا في نهاية توضيح هدف كتابه عبارة "نعم" باليونانية وثبّتها بكلمة "آمين" بالعبرية. تحمل كلتاهما الاعتراف نفسه: هو حقّ ويقين.
لا تتضمّن التّحيتان في هذا الكتاب فلسفة نظريّة ولا أحلاماً خيالية ولا أمانٍ فارغة ولا آمالاً خائبة، بل تصفان الحقيقة الإلهية وكيانه الأبدي الذي لا مفرّ منه.
يدفع الرُّوْح القدُس كلّ من يتوب ويقبل حَمَل اللهِ ويؤمن بكفّارته النّيابية عن الجميع إلى الخضوع طوعاً لسلطة وحدة الثالُوْث الأقدس، فيعيش سامعاً ومدركاً إرادة الله، ويسلك نحو هدف خطة خلاصه. إنها لكارثة عظيمة أن يهمل أحد مجيء المسيح الثاني المحتوم.

الصَّلَاة
أيُّها الرَّبّ يسوع المسيح، نفرح مِن صميم قلوبنا، لأجل إعلان مجيئك الثاني قريباً. ونترقّب ظهورك في بهاء، لتخلّصنا مِن مضادّيك، وتنقلنا مع كلّ التائبين إلى رحابك. إفتح قلوب طلاّب الحقّ، حتَّى يؤمنوا بك، قبل أن يعاينوك آتياً على سحاب السماء، في يوم الدين.
السُّؤَال
ما هو هدف تاريخ العالم؟