Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
جام الغضب الأوَّل دمامل رهيبة ومؤلمة لأتباع ابن التِّنين
(رؤيا 16: 1- 2)
16:1وَسَمِعْتُ صَوْتاً عَظِيماً مِنَ الْهَيْكَلِ قَائِلاً لِلسَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ, امْضُوا وَاسْكُبُوا جَامَاتِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَى الأَرْضِ.2فَمَضَى الأَوَّلُ وَسَكَبَ جَامَهُ عَلَى الأَرْضِ فَحَدَثَتْ دَمَامِلُ خَبِيثَةٌ وَرَدِيَّةٌ عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ بِهِمْ سِمَةُ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِصُورَتِهِ.


رسم فنَّانٌ صورة أحد الملائكة المكلَّفين صبِّ الجامات الذَّهبية المملوءة مِن غضب الله. يؤدِّي الملاك في الصُّورة مهمَّته وهو ينظر بوجهٍ حزينٍ ويصبُّ جام الغضب الذي فوق كتفه. يُرسل الملائكة غالباً كي يخدموا النَّاس والأولاد ويُساعدوهم ويحفظوهم (متَّى 4: 11؛ 18: 10؛ 28: 5؛ لوقا 2: 13؛ 16: 22؛ يوحنَّا 20: 12؛ رؤيا 12: 7 وآيات أخرى). ولكنَّهم في حالة جام دينونة الغضب يصبُّون الحزن والبؤس والرُّعب على النَّاس والبهائم، بعدما أخضع ضدّ المسيح الجماهير لنفوذ الشَّياطين وخانها وأجبرها على السُّجود له. ما مِن خطأ أعظم مِن السُّجود لإلهٍ غير الله يجعل نفسه معبوداً كالله. ينبغي أن نؤمن بإله الحق، لكي لا نعبد إلها باطلا. ومن الواضح أنّ الله في الإسلام لا ولن يكون أبا يسوع المسيح السّماوي، فالله في الكتاب المقدّس ليس الله في القرآن. وكل من يعبد الآب السّماوي لا يمكن أن يسجد لإله آخر.
نادى أحد الكروبيم الأربعة عند عرش الله السَّبعةَ الملائكة بصوتٍ عظيمٍ وحادٍّ قائلاً: امْضُوا وَاسْكُبُوا جَامَاتِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَى الأَرْضِ. لم يأمر الكروب كلَّ واحدٍ مِن الملائكة على حدةٍ أن يصبَّ قسط الدَّينونة التَّام في جامه على سكَّان الأرض، بل خاطب جميع الملائكة مرَّةً واحدةً فقط. وهذا معناه أنَّ على الملائكة واحداً تلو الآخر أن يصبُّوا فوراً ودون أيِّ إبطاءٍ غضب الديّان القدّوس بأكمله على النَّاس الأشرار والمتظاهرين بالتَّقوى. لقد انتهى وقت النِّعمة وبدأت الدَّينونة.
فمضى خادم الرّبّ الأوَّل للتَّو وصبَّ جامه على الأرض كوابلٍ غزيرٍ مفاجئٍ مِن المطر. يرى بعض المفسِّرين أنَّ الكلمة "الأرض" تعني الأراضي المقدسة، ويرى آخرون أنَّها تعني جميع الدُّول المتحضِّرة في قمَّة غطرستها. لا تشير هذه الكلمة إلى بلدٍ خاص، بل تتحدَّث عموماً عن الأرض التي يعيش عليها النَّاس. "الأرض" هي المكان الذي قُدِّم لهم فيه برّ الله ونعمته اللَّذين احتقروهما ورفضوهما.
كانت نتيجة عاصفة الغضب هذه دمامل فظيعة على أجساد الذين سجدوا لابن التِّنين. كان كلُّ مَن اتَّبع ضدّ المسيح ونبيّه الكذّاب وحمل علامته قد قُيِّد تحت سلطان روح شرير فيه، هذا الرّوح الذي صار بادياً للعيان بواسطة أورام نتنة منفرة. عِنْدَئِذٍ أدركوا أنَّ سيِّدهم الكذاب ونبيه الكذاب وصورته المتكلمة لم يستطيعوا أن يساعدوهم ويُخلِّصوهم مِن غضب الله. لقد قبلوا علامة الوحش والآن غضب الله دمغهم بدمامل متقيِّحة مؤلمة.
يُذكِّرنا هذا القصاص بالضَّربة السَّادسة التي كان على موسى وهرون أن يُنزلاها بمصر لتحرير شعبهما مِن العبودية (خروج 9: 8- 12). في تلك الأيَّام ضربت دينونة الله بلداً واحداً فقط هو مصر. ولكن بجام الغضب الذي رآه يوحنَّا في رؤياه أصابت الضَّربة جميع الناس على الأرض كلِّها الذين انفتحوا لروح ضدّ المسيح. ربَّما كانت حياتهم في الشَّركة مع الرّوح النَّجس قد فسدت أخلاقيّاً إلى حدِّ أنَّهم أعْدوا بعضهم بعضاً، أو أنَّ الرّوح النَّجس قد سيطر على الذين حلَّ عليهم غضب الله.
إنَّ ما كان قد أعلنه ابن الهلاك في البداية بخفَّةٍ وغبطةٍ مِن "انتصار عالمي" و"امتداد لسلطان الشَّيطان" قد تحوَّل الآن إلى مرضٍ كريهٍ وهزيمةٍ لضدّ المسيح.

الصَّلَاة
أيّها الآب الأزليّ، نشكرك، لأنك تحفظ أتباع ألمسيح من خطر انصباب الجامة الأولى، التي تسبب أمراضا ودماملا مؤلمة، لأنّ إبنك الحبيب شفى كل مريض أتى إليه. أما السّاجدون للدّجّال فأهملوا حماية المسيح المقتدرة، ويتألمون مع إبن الشرّير آلاما خطيرة. آمين.