Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
جام الغضب الرَّابع: الشَّمس تحرق النَّاس على الأرض
(رؤيا 16: 8- 9)
16:8ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الرَّابِعُ جَامَهُ عَلَى الشَّمْسِ فَأُعْطِيَتْ أَنْ تُحْرِقَ النَّاسَ بِنَارٍ,9فَاحْتَرَقَ النَّاسُ احْتِرَاقاً عَظِيماً, وَجَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى هَذِهِ الضَّرَبَاتِ, وَلَمْ يَتُوبُوا لِيُعْطُوهُ مَجْداً.


في الدَّينونة الأخيرة ضربةٌ تلو الأخرى. ضُرب الأحياء على الأرض أوَّلاً بدمامل موجعة. لن تُسْفر جميع فحوص مياه البواليع عن أيِّ حلٍّ، لأنَّ السُّم كامنٌ في أعماق الإنسان. مِن ثمَّ يتلوَّث البحر والأنهار وجميع ينابيع المياه وتصير دماً. يصير طعم الماء مقزِّزاً ومملوءاً بجلطات دم متخثِّرة. تتوتَّر أعصاب النَّاس ويتبرَّمون طلباً للمياه الجوفيَّة، ولكنَّ هذه لا تكفي جميع النَّاس. والآن يضرب غضب الرّبّ الشَّمس، مصدر نورنا، مصدر الدِّفء الحراري والطَّاقة.
في دينونة البوق الرَّابع تدنَّت شدَّة إشعاع الشّمس والقمر والنُّجوم بنسبة الثُّلث ربَّما بواسطة سحابة بركانيَّة أو اصطدام نيزك فلم يُضئ غير نور شاحب. وهبطت درجة الحرارة هبوطاً مروِّعاً، وسرعان ما برزت الأنهار الجليديَّة وبدأ حلول عصر جليدي جديد (رؤيا 8: 12).
في جام دينونة الغضب الرَّابع سيضربُ البشرَ العكسُ تماماً: تفقد الشَّمس درعها الواقي وتُشرق على الأرض بكامل شدَّتها حتَّى تصبح الأرض صحراء كالقمر والنُّجوم التي تفتقر إلى غلاف جوِّي واقٍ. يحتاج روَّاد الفضاء إلى بذلة فضائيَّة خاصَّة تحميهم في الفضاء مِن حرارة النَّهار وبرد اللَّيل القارس. إذا ازداد ثقب الأوزون فوق القطب الشِّمالي نتيجة ازدياد انبعاث غاز البيوت الزُّجاجية المخصصة لزراعة النَّباتات، ربَّما حتَّى مدار السَّرطان أو ما بعده، فستزداد شدَّة إشعاع الشَّمس ازدياداً خطيراً، فتذوب الأنهار الجليديَّة في غرينلاند وسويسرا وهملايا، وبُصبح السَّهل الأجرد في المنطقة القطبية الشّمالية (التّندرة) مستنقعاً عظيماً ويُصاب أناسٌ كثيرون بسرطان الجلد. سيزور المتعرُّون المتعطِّشون للشَّمس المخازن الباردة لأنَّ أشعَّة الشَّمس والحرارة لا تُطاقان.
وفي أحسن الأحوال يكتسب جلد الإنسان درعاً واقياً كسكَّان المنطقة الإستوائيَّة فيصبح الجنس الأبيض أسودا ولا يكون له مبرِّرٌ بعد لاحتقار السُّود.
يتخلَّى الله عن النَّاس الذين يُنكرون حقَّه وواقعه ولا يسجدون لخالق العالم وديَّانه فيُهلكون أنفسهم. لا تحدث النَّكبات الطَّبيعية صدفةً ولا هي فلتةٌ مِن فلتات الطَّبيعة، بل هي دعوةٌ إلى التَّوبة وأحكامٌ إلهيَّةٌ على استكبار الإنسان. تريد حرائق الغابات المتوسِّعة أو الفيضانات الجارفة أن تُنذرنا وتدعونا إلى التَّوبة فوراً، وإلى مخافة الله، وإلى محبَّته، وإلى حفظ وصاياه.
ولكنَّ النَّاس لا يريدون أن يتوبوا. لا يريدون أن يسجدوا أمام الله خالقهم، بل يرغبون في الوقت نفسه في تمجيد أبطالهم لتأليههم أو حتَّى السُّجود لهم. تبحث الجماهير عن نجوم السِّينما وخيرة اللاعبين الرّياضيين والمغامرين الشُّجعان وعباقرة الفنِّ لتمجيد أنفسهم مِن خلال الأوثان والآلهة الزَّائفة.
ومِن جهةٍ أخرى، يعلم كثيرٌ مِن النَّاس أو على الأقلِّ يشكُّون مع ذلك في أنَّ الله موجودٌ. قال ولدٌ لأستاذه في أيَّام الاتِّحاد السُّوفياتي: " بما أنَّ العبارة (الله) هي جزءٌ مِن لغتنا فلا بدَّ إذاً مِن وجود إلهٍ حقّاً"، فكان جواب الأستاذ صفعةً على وجه الولد لأنَّه كان خائفاً مِن العقاب الصَّارم أو النَّقل إذا سكت عن الإيمان بوجود شخص إلهي في سجن المادِّية الرّوحي.
سيُعلن ضدّ المسيح وأتباعه أنَّ الله مجرمٌ بسبب جامات أحكام الغضب، وسيُجدِّفون عليه ويلعنونه. يعترفون على نحوٍ مباشرٍ بإيمانهم بوجود الله ولكن بطريقةٍ سلبيَّةٍ. فلا يُنكرون وجوده مثل نيتشه القائل "إنَّ الله ميتٌ"، بل يعرفون في قلوبهم أنَّ ثمَّة إلهاً ويكرهونه. فيؤمنون إذاً بوجوده، ولكنَّهم ينوون إبادته ومحوه هو وأتباعه.
الممسوسون مِن روح الشَّيطان يتنفَّسون النَّار والكبريت ولا يفكِّرون دائماً إلاَّ بأنفسهم فقط. وهم بفعلهم ذلك يُهلكون أنفسهم أخيراً: ستجعل الشَّمسُ الحارَّة الحارقة كلَّ شيءٍ مِن الأرضِ حجرةً مؤدِّيةً إلى جهنَّم.
كلُّ إنسانٍ مدعوٌّ أن يصير صورةً لله، وأن يُكرم الله ويتحوَّل بواسطة محبَّته وحقِّه حتَّى يُمجِّده بالقول والفعل، وكذلك بواسطة التزام الصَّمت وبواسطة ال‘الإعتراف. لا ينشد أتباع المسيح ذواتهم بعد، فهم قد ماتوا عن أنانيتهم، ووجدوا محطَّ اهتمامٍ جديدٍ. إنَّهم يحبُّون الآب والابن بقوّة الرّوح القُدُس.

الصَّلَاة
أيّها الآب السّماوي، نسجد لك ونشكرك لأجل نور الشمس ودفئها، ولكن إن كثرت الخطايا تزداد حرارة الشمس، وتذبل وتيبس المروج وتحترق الأحراج ويموت الجماهير عطشا، فتعمّ الصّحارى ويجدّف الكفار الذين سيبتدئون أن يؤمنوا بوجود الله إنما يلعنونه في ذاتهم. لكن ستكون أنت نورا رحيما لأتباع المسيح. آمين.
السُّؤَال
بأي مقدار سينجحون رؤساء الأمم الذين يبحثون تقليل الغازات لكي لا تزداد حرارة الطقس في دنيانا؟ لماذا سيجدّف الملحدون على أسماء الله بعد حدوث الدّينونات فهل ؤمنون بوجودالرّبّ ويبغضونه؟