Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
عبادة الأَرْبَعَة وَالعِشْرِيْنَ شَيْخاً
4:11أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ لأَِنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ


كانت تسبيحة حمد حراس العرش الأربعة السابقة شهادة وتمجيداً لقداسة القدير المدينة. لم تتكلم الحيوانات عن مجد الله وبرِّه ومحبته، بل شهدت بما كان أمام أعينها: "قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ, الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ". أمَّا الأَرْبَعَة وَالعِشْرُونَ شَيْخاً فمجَّدوا ملء نور مجد القدوس الذي أعلن لهم. كان لهم الامتياز أن يعاينوا العظمة المخفية، بهاء الله وجماله. مجدوا جوهر قداسته الذي بقي مخفيا عن الغرباء. كان إكليل مجده المشع أمام عيونهم. يعبِر عن مجد الله ملء صفاته العجيبة غير المحدودة التي تظهر في 347 اسما ولقبا في الكتاب المقدس. قال الأربعة والعشرون: "إنَّك مستحقّ أن تأخذ المجد كله". وبهذا اعترفوا أنهم كانوا هم أنفسهم وجميع المخلوقات غير مستحقين أن يشتركوا في طبيعته الإلهية. لخالق جميع الأشياء وحده الحق في المجد والكرامة والسلطان.
مما يسترعي الاهتمام هنا هو أن الأَرْبَعَة وَالعِشْرِيْنَ شَيْخاً الذين يخاطبون القدير يخصونه شخصياً. كانوا يخصونه وكان لهم الامتياز أن يقولوا له "أنت". دعوه "إلهنا"، وهو قطع لهم عهداً أبدياً وارتبط بهم رسمياً. دعا نفسه "إِلَه إِبْرَاهِيْم وَإِسْحَق وَيَعْقوْب"(الخروج 3: 6، 13، 15). لم يدعوه "الله" فحسب، لأنَّ عبارة الله (ايلوهيم) عبارة عامة تستعمل للأرواح والآلهة أيضا، بل دعوه (الرّب) لأنه أعلن نفسه تحت هذا الاسم كإله العَهْد (الخروج 3: 14). لقد عرفوا من هو إلههم الأمين الأبديّ القدير الذي لا يتغير. وقفوا معه في العَهْد ككهنة ملوكيين. ليسوا غرباء عنه (الخروج 19: 5- 6). كان لهم الحق أن يتكلموا معه مباشرة, وهو استمع إليهم (المزمور 50: 15) وحماهم (المزمور 23).
وكان من أهداف اعتراف الأَرْبَعَة وَالعِشْرِيْنَ شَيْخاً في السّماء تقوية الكنائس المتضايقة في أسيا الصغرى في إيمانها وحفظها من الارتداد. طالب القيصر دومتيانس جميع المواطنين الرُّوْمَان وغير الرُّوْمَان في المناطق الخاضعة لنفوذه بعبادته والخضوع والتسليم له بموجب النص نفسه. كان عليهم أن يردّدوا ما يلي: "أيها القيصر دومتيانس، أنت مستحقّ أن تكون ربنا وإلهنا". كان عليهم جميعاً أن يطرحوا أكاليل الكرامة أمام عرش القيصر الخالي، للدلالة على أنه وحده يستحق المجد والثقة والطاعة والخضوع.
كان أمر القيصر هذا تجربة كبيرة للمَسِيْحِيّين؛ فلم يقدروا أن يقدموا للحاكم الفاني كل المجد والمحبة والطاعة ويدعوه "ربّاً" و"إلهاً". كان مثل هذا الاعتراف "أنت مستحق أن تكون ربنا وإلهنا" تجديفا، بالنسبة إليهم، وتجربة للمراءاة، وفخا خطرا يمكن أن يعني ملاحقة واضطهادا وموتا. كان لصلاة الأَرْبَعَة وَالعِشْرِيْنَ شَيْخاً في السّماء أن تلهم الكنيسة المضطهَدة على الأرض، وتثبتها، و توجه أنظارها إلى الجَالِس عَلَى العَرْشِ الذي كان ولا يزال وحده مستحقا أن يخاطب بهذه الكلمات.
علل الأَرْبَعَة وَالعِشْرُونَ شَيْخاً أيضاً لماذا يحقّ للرّب إلههم وحده كل المجد والكرامة والعبادة والتسليم. صلوا قائلين: "أنت خلقت كل شيء، ولا يقدر أحد أن يعمل شيئا من لا شيء". يعرف جميع الباحثين والمكتشفين أنهم لا يجدون إلا ما كان موجوداً من قبل أو ما يطورونه، فليس إنسان خالقاً بل الرب وحده. وإنَّ ما يقودنا إلى عبادته هو تعدّد أفكاره، والانسجام في نظام الطبيعة الموزون، وتكثير الخليّة في النبات، وعجيبة عيوننا، وأسرار نفوسنا أو حدّة وسرعة عقلنا البشري. لم يقدر إنسان حتى الآن أن يخلق، أو أن يمنع الموت؛ فنحن جميعا نحيا من نعمة وجود الله الخالق.
عَمّقَ الشيوخ في قاعة العرش تعليلهم لعبادة ربهم بالكلمات: أنت خططتَ الكلّ "بإرادتك" خلقتهم وحافظت عليهم. لم يكن تكوين الكون صدفة. لم يكن نتيجة انفجار أولي (Big Bang) حدث سهواً فشتت ملايين من الكواكب في الوجود، بل قال الله الرب: "ليَكُن نُورٌ فكانَ نُورٌ" (التكوين 1: 3). سبق أمر الخلق هذا دعوى طويلة من التخطيط والاستعداد. كان روح الله يرفّ على وجه المياه إلى أن نضجت المادة لتصبح نوراً. خلق الرب بتدبر النباتات والحيوانات والإنسان. بالتتابع خلق الإنسان على صورته، وبإرادته حصلنا على وجودنا وكياننا هذا؛ فنحن لا نعيش عن طريق الصّدفة (التكوين 1: 27).
كان آخر برهان للشيوخ في السّماء هو الأبسط: "خُلِقتْ". لم تبقَ الخليقة فكرة فقط، أو مخططاً ناضجاً، كلا! بل كان للرّب السّلطان أن ينفذ مخططه، فهو يملك القوة ليعمل ما يريد. وهو بنفسه القوة والحياة والنور. منه تصدر جميع القوى والأحياء والأنوار في عالمنا. كل ما هو موجود: النور، والمادة، والنباتات، والأسماك، والطيور، وحيوانات البر، والإنسان، والملائكة، والسماء عرشه؛ كلها خلقت من محبته وإرادته وقوته.
إنه يستحق المجد والكرامة والقوة. ما من مخلوق استطاع أو يستطيع أن يعمل ما عمله هو. فأين تقديرنا لحكمته وسلطانه ومجده؟ كيف نمجد خالقنا اليوم؟ لماذا لا نعبد الله من تلقاء أنفسنا؟

الصَّلَاة
أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالقدْرَةَ لأَِنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَة وَخُلِقَتْ
السُّؤَال
ما هو فحوى عبادة الأربعة والعشرين شيخاً؟