لا يوجد مسبح أو بحيرة قدام عرش الله، بل شيء كبحر زجاجي واسع جدا لا نهاية له. وهذا البحر هادئ وصامت بدون أمواج أمام خالقه، وهو شفاف وصاف كالبلور حتى القعر.
ربّما يعني هذا المحيط الهادئ أمام عرش الله بحر الشّعوب الذي لا يصخب ولا يهدر في وجه عظمته وسلطانه. يصبح كل شيء هادئاً أمام الله.
لا يحمل الحكيم كتاباً في يده، كلا. أمامه بحر زجاجي يرى بواسطته ويقرأ أعمال الناس كما على شاشة التلفزيون. تحرّكات السّيارات والطائرات، الأرواح الصالحة والطالحة مكشوفة أمامه. لا سر أمام الله. البحر الهادئ أمام عرش الله هو نقيض عاصفة البروق والرعود في العرش. وكما تنعكس مصابيح النار السبعة المتقدة في البحر المستوي، يبقى بحر الراحة علامة لسمو القدير وعظمته.
ُتبنى في بعض فنادق الهند أحواض ماء مربعة الشكل مِن الرخام الأسود
في قاعة الاستقبال. تفيض المياه التي فيها بهدوء وتنساب إلى الغرف الكبيرة لتعطي برودة ورطوبة عند الحر الشديد. يَظهر سطح المياه في هذه الأحواض هادئا كبحر زجاجي رغم أنه ينساب باستمرار ولا يكون أمواجا وكمرآة سوداء ملساء تعكس الأنوار في المحيط.
إنَّ هموم الناس وخطاياهم كلها مبسوطة أمام الله كالبلور الشفاف النقي. وهو يعرف الكل ويرى الكل ويفهم الكل ويقدر على الكل. انه بلا شك ليس دكتاتورا مستبدا أو طاغية متسلطا يعمل بحسب أهوائه كما في الإسلام، بل هو أبونا الرّوحي المليء بالمحبة والقداسة الذي تعبده الخليقة طوعا بوقار وشكر.