Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
الأَحياء الأربعة في العرش
(حراس العرش)
4:7وَالْحَيَوَانُ الأَوَّلُ شِبْهُ أَسَدٍ وَالْحَيَوَانُ الثانِي شِبْهُ عِجْلٍ وَالْحَيَوَانُ الثالِث لَهُ وَجْهٌ مِثْلُ وَجْهِ إِنْسَانٍ وَالْحَيَوَانُ الرَّابِع شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ.8وَالأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ حَوْلَهَا وَمِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا وَلاَ تَزَالُ نَهَارًا وَلَيْلاً قَائِلَةً قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي.


لمّا راقب يوحنا قاعة العرش في السّماء اقتادته عيناه من الدائرة الخارجية للأربعة والعشرين شيخاً إلى عاصفة البرق والرّعد في العرش، ثم إلى مصابيح النار المتقدة وإلى البحر الزّجاجي. وأخيرا عرف سرّ الأحياء الأربعة عند العرش.
رأى الرّائي الرّؤى الرّوحية السّابقة لإِشَعْيَاء (6: 1- 4) ولحزقيال (1و 10) كوحدة مرتبطة معا مع ترتيب الكروبيم على كرسيّ النعمة لتابوت العَهْد (الخروج 25: 17- 22؛ 37: 1- 9). رأى أربعة حيوانات "في" وسط العرش، ولم يكن حول الحيوانات الأربعة حيوانات أو أناس بل خدام عرش الله حرّاس عرشه وحاملوه. رآهم حزقيال مرّات عديدة كعربة للعرش واقفة أو متنقلة.
لم تكن الحيوانات الأربعة عند يوحنا سرافيم كما رآها إِشَعْيَاء، ولا كروبيم كما وصفها حزقيال، والمعروف من العَهْد القَدِيْم أن السّرافيم والكروبيم وحدة تامة بحسب كيانهم وعملهم. وبهذا أصبح يوحنا في رؤيا حرّاس العرش أيضا قياسا وخلاصة لكل التنبؤ السابق. لم يدع الحيوانات الأربعة سرافيم ولا كروبيم، بل دعاها أحياء. وهي التي أتمت واجبات مختلفة في أزمنة مختلفة.
ليست هذه الكائنات الحية رسل ملائكة، فملائكة الكتاب المقدّس ليست لهم أجنحة، وهم لا يحتاجون إليها لأنهم روح ويتحرّكون بأسرع من النور. أما حراس العرش هؤلاء الذين رآهم يوحنا فلكل واحد منهم ستة أجنحة تتحرك بدون توقف. يكتب حزقيال عن ضجة هدير الرّعد عند تحرّك جناح الكروبيم (حزقيال 1: 24؛ 10: 5؛ قارن يوحنا 12: 29).
يعني العدد 6 في الكتاب المقدّس غالباً التَّعب وعدم الرّاحة، فالله على سبيل المثال خلق السّماء والأرض في ستة أيام. ولكن إِشَعْيَاء أوضح أن أجنحة الحيوان الستة تخدم قبل كل شيء للحماية من شعاع قوة الله المثلث القداسة: بجناحين غطوا وجوههم، وباثنين غطوا أرجلهم وباثنين طاروا (إِشَعْيَاء: 6: 2).
يليق بنا أن نوضح أنَّ القدير لا يحتاج إلى حراس لعرشه ولا إلى حارس شخصيّ ليحميه. أما الغاية من وضعه الحيوانات في الخدمة فهي منع أي كان من الاقتراب منه لأن الله يسكن في النور ولا يقدر أحد أن يدنو منه (1تيموثاوس 6: 16).
بينما كان السرافيم عند إِشَعْيَاء واقفين "فوق" العليّ، وقف الكروبيم عند حزقيال "تحته"، وخدموا كعربة عرش بدواليبهم ذات المحاور الثلاثة التي كانت تتحرّك في اتجاهات مختلفة في الوقت نفسه. وقف حرّاس العرش عند يوحنا في وسط العرش وحوله (4: 6). إنَّهم يقفون فوق جميع الأشخاص والأحياء والأشياء في بهو العرش ويكونون الدّائرة الأضيق حول الرّب. لم يبق الأحياء الذين رآهم يوحنا صامتين كالكروبيم عند حزقيال، بل مجّدوا القدّوس كالسّرافيم عند إِشَعْيَاء.
وإذ كان لكلّ كروب في رؤيا حزقيال أربعة وجوه مختلفة في آنٍ واحد، كان لكل حيوان من الحيوانات الأربعة عند يوحنا وجه واحد فقط. لا يصف يوحنا أجسام الحيوانات الأربعة بالأرجل أو الأيدي، ولا يذكر ضجيج أجنحتها.
تأثر الرّائي بنوع خاص بالعيون الكثيرة لحرّاس العرش هؤلاء، فقد حملت أجسادهم عيونا كثيرة في الأمام والخلف، وكانت الأجنحة السّتة لكلّ واحد منهم مملوءة عيونا كثيرة من الدّاخل والخارج (4: 6، 8). تبصر هذه الكائنات الحيّة في الصّميم كلّ شيء يقترب من عرش الله. ترى في جميع الاتجاهات كيفما دارت وتحرّكت. ترى في كلّ حين ربّها وتعرف في الوقت نفسه كلّ ما يتحرّك في قاعة العرش. تملك معرفة كثيرة وحكمة. وربّما كانت حكمتها بالمعنى الرّوحي تفوق آلة الرّادار الحديثة.
يمكن لكلّ مَن يطأ قاعة القادمين في مطار تل أبيب أن يفاجأ بجدار من عيون كثيرة، كبيرة وصغيرة، زرق وشهل وخضر، بيض بحدقة سوداء أو حمراء، تحملق بالزّائر بصمت؛ وهي تظهر سحابة الأجيال التي تعاقبت على هذه الأرض خلال آلاف السّنين. ويستطيع النَّاظر إلى هذه العيون أن يتأمّل كيف ُيرى بالتمام عندما يقترب من عرش الله.
يَختلف كلّ كائن رآه يوحنا عن الآخر. وليستْ هذه الكائنات حيوانات ولا بشراً، ولكنها تشبه كليهما معا. إنها نوع من ملائكة حيوانات أو أناس حيوانات.
كان الكائن الأول يشبه أسداً يخيف بزئيره أو هديره كل دخيل، فهو لا يقاوم ويمزّق كل معتد. مَن يكن تحت حمايته يَعِشْ بلا هموم. وكان الكائن الثانِي يشبه الثور، ويقدر بجمع قوته أن يجرّ العرش في خدمة الله، وبقرنيه أن يطرد بقوة كل معتد. يخاف الناس في أفريقيا من الثور الأسود أكثر ممّا يخافون من الأسد.
وكان الكائن الثالِث يشبه إنسانا ذا عقل وضمير. ولهذه الهيئة حنوّ وحكمة، محبة وصبر وقدرة على التخطيط والتركيب وضبط النفس وتحمُّل المسؤولية.
وكان الكائن الرَّابِع يشبه النسر الذي يقدر في العواصف الشديدة أيضاً أن يحلق في الأعالي ويعرف من مسافات بعيدة أصغر حركة ويقدر أن ينقض على فريسته بسرعة ملك الهواء الذي يحلق فوق كل حي.
يمكن لتعداد صفات الكائنات الأربعة أن يستمر؛ ولكن يوحنا لم يذكرها كلها، بل اكتفى بذكر الفئة التي رآها.
كثيرا ما تذكر الكائنات الأربعة التي رآها الأنبياء بعلاقة عرش الله: فالرب يجلس على العرش فوق الكروبيم (إِشَعْيَاء 37: 16؛ حزقيال 1: 26- 28؛ 10: 1). على تابوت العَهْد جلس بين الكروبيم (1 صموئيل 4: 4؛ أخبار الأَيَّام الأولى 28: 11، 18). دعا لوثر هذا المكان عرش النعمة (الخروج 25: 17- 22؛ 26: 34؛ 31: 7؛ 35: 12؛ 37: 6، 7، 9؛ 39: 35؛ 40: 20؛ اللاويين 16: 2، 13- 15؛ عِبْرَانِيِّيْنَ 9: 5).

الصَّلَاة
عظمتك يا الله أعظم مِن إدراكنا، وجلالك أبهى مِن فكرنا. لك حرّاس العرش مِن الخليقة كلّها، ممتلئين بالوقار والتسبيح، ويعاينونك في كلّ حين، ويفيض منهم تعظمك دائماً. امنح لنا روح السجود والحمد، مع الشكر والتهلل لتمجيدك بفرح وسرور.
السُّؤَال
من هم الأحياء الأربعة عند عرش الله؟