Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
3- عبادة الجالِس على العرش
(رُؤْيَا يُوْحَنَّا 4: 8- 12)
4:8وَالأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ حَوْلَهَا وَمِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا وَلاَ تَزَالُ نَهَارًا وَلَيْلاً قَائِلَةً قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي.

يَبلغ عمل حرّاس العرش الأربعة المستمرّ ذرْوَته في عبادة الله طوعاً. وإذ لا يوجد في السّماء نهار أو ليل، يقومون بالتعبد والشّهادة دَائِماً في نور القدّوس السّاطع. الله نور (1 يوحنا 1: 5؛ 1 تيموثاوس 6: 16) ويظهر ملء نوره أمام حرّاس العرش الأربعة كقداسة وعظمة لا يدنى منهما، فيَرون مَظهره الخارجيّ وهم متأثرون جدّا بوجوده المقدّس، ويَعبدون القادر على كلّ شيء الذي خلقهم لخدمته.
يَعبد الأحياء الأربعة الله ليس لسبب خاص، إنَّهم يمجّدون القدوس في غمرة انشغالهم، ويحمدونه بسرور ويسبِّحونه بوقار، لأنَّهم يشاهدون ماذا يعمل وماذا يقرّر وكم يصبر على الأفراد والشعوب؛ وهم يرتعبون أيضاً من إدراك غضبه الحقّ ودينونته العادلة، فلا يسعهم إلا أن يسبِّحوا الله القدوس.
لا يخاطب الأحياء الأربعة الله مباشرة في عبادتهم إياه، لعدم وجود صلة عائلية تربطهم به. عندما أصغى يوحنا لم تكن هذه الكائنات تنادي بعضها بعضا بالحمد، كالسيرافيم عند إِشَعْيَاء (6: 3)، بل كانت تنادي بتعظيم القدّوس نحو الجهات الأربع لكي تشترك السّماء بالهتاف معاً ويحمد الخالق والحاكم والقاضي بالمحبّة والسّجود.
ُتقسَم تسبيحة حمد حرّاس العرش إلى ثلاثة أقسام وهي موجَّهَة إلى الله في أسلوب مثلث:
نادوا أوّلا قائلين: قدّوس قدّوس قدّوس
ثمّ استطردوا: الرّب، الإله، القادر على كلّ شيء
وأتمّوا تسبيح الحمد بقولهم: الذي كان والكائن والذي يأتي

إنَّ الذي كان هو قدّوس. بهذا شهدت المخلوقات الحيّة الأربعة أنّ الله الخالق قدّوس. كلّ شيء خلقه في بدء الأزمنة جيّد جدّاً، بدون علة خلقه مقدّساً (التكوين 1: 31) وعجائب خليقته لا تُستقصى. ينبغي لعلماء الطبيعة أن يشاركوا حرّاس العرش في عبادتهم. وليتنا لا ننسى أن نشكر لأجل الماء والنور والهواء و أن نستحضر في أذهاننا على الدوام كل ما ندين به للخالق بالشّكر (المزمور 103: 1- 5؛ المزمور 104: 1- 35).
استمرّت الكائنات الحيّة الأربعة بتسبيح حمدها واعترفت أن ذلك الكائن هو الرّب الحاكم القدّوس، وأن صَبره هو الذي يحافظ على خليقته. يضبط مليارات من مجموعات النجوم ومن الإلكترونات التي تدور بسرعة هائلة حول نواتها. يمنع الناس من أن يخرّبوا الأرض كليا ويدمّروها. يقاضي الشّعوب والعشائر المذنبة على شرورها.
خَتَم حراس العرش تسبيحة حمدهم مؤكدين أن القادر على كل شيء سيأتي لكي يخلص العالم ويدينه. بركاته وعقوباته مقدّسة وعادلة. هو القادر أن ينفذ خلاصه ودينونته، ولا يقدر أحد أن يوقف قوة سلطانه.
نَفهم كمَسِيْحِيّين تسبيحة حَمْد حراس العرش الأربعة وعبادتهم بحسب الأناجيل ورسائل الرسل بطريقة أوسع:
الله الآب قدّوس. خلق العالم بواسطة يَسُوْع المَسِيْح كلمته، وهو يحفظه بسلطانه. محبّته غير محدودة. إرشاداته ودينونته عادلة، وهي تنبثق من التوتر بين قداسته ورحمته. بره أساس وجودنا (إِرْمِيَا 23: 6).
الله الابن قدّوس. كانت ولادته مقدّسة. عاش بدون خطيئة. كانت عجائبه مقدّسة. ثبت قدّوسا في موته الكفاريّ عن جميع الناس حتى إن العدو الشرير لم يجد عليه سلطة. قام ربنا منتصرا على الموت. عرفت الشياطين من كان. صرخوا برهبة: "نَعرِفُ مَن أنتَ قُدّوس الله" (مرقس 1: 24؛ لوقا 4: 34؛ قارن يوحنا 6: 69).
الله الرّوح قدّوس. هو روح الآب والابن. هو ينفذ مغفرة الابن التامة في أتباعه. يحلّ في المبرّرين بالنعمة ويسكن فيهم ويقدّسهم ليصبحوا قدّيسين. ثمار الرّوح مقدّسة (غَلاَطِيَّة 5: 22- 23) كما أنَّ الحَيَاة الأَبَدِيَّة مقدّسة أيضا. روح المَسِيْح حياتنا (يوحنا 3: 16؛ 17: 3).
شهد السّرافيم عند إِشَعْيَاء أنَّ الله هو إله الصباؤوت، أي رب الجنود؛ وهذه العبارة محتواة في الاسم "القادر على كل شيء" التي سمعها يوحنا من حراس العرش. أعلن السّرافيم عدا ذلك من معرفتهم واختبارهم أن مجد الرّب يملأ الأرض كلها (إِشَعْيَاء 6: 3). أغفلت شهادة حراس العرش عند يوحنا إعلان النصر هذا، لأنَّ قداسة الله في هذه الرُّؤْيَا أصبحت في ظل الدَّيْنُوْنَة القادمة.

الصَّلَاة
قدّوس قدّوس قدّوس، الرّب، الإله، القادر على كلّ شيءالذي كان والكائن والذي يأتي
السُّؤَال
ماذا أدرك الأحياء الأربعة من عظمة الله في وسطهم؟